بسم الله الرحمن الرحيم



لكي لاننسى فالله ربنا لاينسى ولايفوته ظالم ولا مجرم او متكبر جبار



منذ عام 1979 ولحد الان دخل العراق في دوامة من الحروب والسياسات الداخلية والخارجية الخاطئة بالاضافة الى الحصار البربري الذي فرضته عليه امريكا وحلفائها من خلال مجلس الامن. ولقد كان لامريكا وبريطانيا وحلفائهما الدور الاكبر في هذه الحروب ودفع العراق نحو الهاوية. ففي عام 1979 وبعد نجاح الشعب الايراني بالاطاحة بنظام الشاه الموالي لامريكا والغرب ومجيء الخميني قام هذا الاخير بمحاولة تصدير الثورة الايرانية الى العراق اولا. ولقد احس الغرب وفي مقدمته امريكا واسرائيل بخطورة منهج الخميني خاصة بعد احداث السفارة الامريكية في طهران وفشل امريكا الذريع في حل الازمة سواءا عسكريا عندما تحطمت طائراتها في الصحراء الايرانية او دبلوماسيا بسبب العنجهية الامريكية والاصرار الايراني على التحدي. وفي الوقت الذي كان يفترض بالخميني ان يقوم بتحسين علاقة ايران بالعراق كبلد مسلم استضافه ووفر له الحماية لفترة سنوات طويلة فانه راح يألب العراقيين خاصة الشيعة على الثورة ضد حكومة البعث آنذاك. ولقد استغل الخميني مشاعر الكثير من العراقيين والعرب التي تضامنت مع الثورة الايرانية باعتبارها ثورة شعبية ضد الظلم والطغيان والاستبداد لاسيما وانها نجحت بشكل شعبي على مدى اشهر عديدة للاطاحة باكبر نظام موالي للغرب في المنطقة وقدمت العديد من الضحايا. كان العراق حينها في حالة تقدم لايستهان به من النواحي العلمية والاكاديمية والبناء وعلى رأس ذلك هو تجربته في تأميم النفط وطرد شركات النفط الاجنبية مما وفر لاحقا رصيد كبير من الدخل القومي العراقي. وكان العراق من الدول التي تسعى للالتحاق بالركب الصناعي كما وكان يقدم معونات مادية ومعنوية للعديد من الدول الافريقية والعربية وحاول جادا اللالتحاق بركب الدول التي تمتلك الطاقة النووية. ولقد نجح العراق بتأسيس مفاعل تموز النووي الذي تم قصفه من قبل اسرائيل خلال حقبة الثمانينات ثم حاول ونجح بتصنيع تكنولوجيا صاروخية متقدمة كان على وشك وضعها في خدمة تكوين وتطوير الاقمار الصناعية والفضاء. ولم يكن هذا التقدم يروق للغرب مما دفعهم لكي يدفعوا صدام حسين للقيام باستعادة بعض الاراضي العراقية التي احتلها الشاه بما في ذلك شط العرب. وبدلا ان يقوم الخميني بتجنيب اراقة دماء المسلمين خاصة وانه رجل دين فأنه اصر على الحرب واستمرارها حتى بعد ان اوقفها العراق من جانب واحد بعد ستة ايام من بدايتها.

استمرت الحرب العراقية الايرانية ثمان سنوات لعب في تأجيجها وامدادها الغرب وخاصة امريكا بشكل مباشر كما وكان للكويت والسعودية ودول الخليج الدور الاقليمي الاول لدعمها مع العراق بينما لعبت بعض الدول العربية كسوريا وليبيا دورا داعما لايران. ولقد تم خلالها تدمير الاقتصاد العراقي اضافة الى التضحيات البشرية الكبيرة وعسكرة الشعب ومقدراته لجعلها في خدمة المجهود الحربي. خرج العراق عملاقا عسكريا وله جيش يعد من اكبر الجيوش العالمية ناهيك عن التصنيع العسكري المبرمج. هنا تمت احاكة المؤامرات ضد العراق وعلى رأسها مسرحية اعادة الكويت باعتبارها محافظة بل وقضاء كان تابعا لولاية البصرة ايام الحكم العثماني وما قبله. بينما كان بامكان صدام حسين استعادة الكويت خلال فترة الحرب مع ايران لان الغرب سوف لن يقوم بضربه آنذاك ليس حبا به ولكن خوفا من الثورة الايرانية. ووقع صدام في الخطأ الفادح والفخ الذي نصبته له امريكا بالتعاون مع بعض الدول الاقليمية ولربما الكويت نفسها. اذ ان امتلاك العراق لجيش قوي جدا مع وجود كبير للمخابرات العراقية المؤثرة في الكويت نفسها كان يوأرق حكام الكويت وغيرهم. بل وكان تحريك بسيط لكتيبة دبابات او مشاة واحدة قرب الحدود مع الكويت كان يرفع اسعار النفط بشكل كبير عالميا. كان بامكان صدام ان يحصل مايريد من الكويت وغيرها دون ان يقوم باستعادتها عسكريا. بل وكان بامكانه الحصول على نفس النتائج دون تدخل عسكري مباشر. ولكن شائت الاقدار بل نجحت امريكا مرة اخرى بالترتيب للاجهاض على جيش العراق القوي وتحطيم منجزات شعبه. وضربت امريكا عصفورين او اكثر بحجر وذلك في حرب مجرم الحرب جورج بوش الاب وقائده المجرم شوارتزكوف فوضعت اكبر تجمع عسكري وقواعد عسكرية مختلفة في السعودية واكبر تحالف دولي بعد الحرب العالمية الثانية. ولقد ساعد امريكا في بناء وتحقيق هذه الحرب عام 1991 بعض قادة العرب الذي كان من ابرزهم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. والجميع حصل على جزء من الكعكة ولكن النصيب الاكبر كان لامريكا من اعادة بناء الكويت. ولازال العراق يدفع ثمنا باهضا كتعويضات للكويت رغم احتياجه لها لاعادة بناء نفسه. ولقد قامت امريكا خلال هذه الحرب باستخدام الاسلحة المحرمة دوليا كاليورانيوم المنضب مما تسبب بامراض غريبة وارتفاع حالات السرطان والامراض الوراثية في كافة انحاء العراق وخاصة الجنوب. ولقد ثار الشعب العراقي ضد صدام خاصة في الجنوب ضنا منهم بأن المجرم جورج بوش سوف لن يسمح لصدام باستخدام الاسلحة والمروحيات لقتلهم ولكن هذا المجرم خذلهم ووقع مع صدام تنازلات قدمها صدام مقابل السماح له بقمع الانتفاضة وحدث ذلك فعلا.

خرج الشعب العراقي من حرب عام 1991 مثخنا بالجراح محطم البنى وصار الشعب تحت كماشة الحصار الامريكي البريطاني البربري الاجرامي وتحت كماشة النظام التعسفي الدكتاتوري الذي ضل يقدم التنازلات تلو الاخرى ضنا منه ان ذلك يضمن له البقاء في السلطة. لقد قدم نظام صدام تنازلات يندى لها الجبين لمفتشي الاسلحة سمحت لهم بتدنيس كرامة العراق وشعبه بشكل يومي ومستهتر وهم يجوبون الاراضي العراقية مستخدمين الطائرات وكافة الوسائل للدخول الى اي مكان يرونه مناسبا ودون سابق انذار. لقد كانت قرارت الحصار مذلة ومهينة وكانت تجرى على ارض الواقع بموافقة صدام وتحت حماية رجال امنه وشرطته. وفي الوقت الذي كان العراق يدفع للكويت تعويضات رهيبة كان الاطفال العراقيين يموتون بالجملة دون غذاء ونقص في الادوية وانتشار للامراض السرطانية والوبائية. وهاجر ملايين العراقيين تاركين بلادهم مكرهين بسبب ضروف الحصار والقهر والاستبداد. واستمر القتل الامريكي البريطاني للاطفال في العراق رغم صيحات العديد من منظمات المجتمع الانساني ورغم اعتراف وزيرة خارجية امريكا مادلين البرايت حينها بقتل مليون طفل عراقي عمدا مع سبق الاصرار واعترافها بأن ذلك يستحق ان يعمل!
هذه هي الحرية الامريكية وحقوق الانسان الغربية تتم بقتل الاطفال وبدم بارد وبمنع الادوية وتدنيس كرامة الشعوب وقتل اهلها تحت حصار بربري مستهتر دام قرابة 13 سنة حتى عام 2003 بعد قيام حرب امريكا الثانية على العراق وحتى يومنا هذا.




ففي عام 2003 قام المجرم جورج بوش الابن والمجرم توني بلير رئيس وزراء بريطانيا حينها بتلفيق اكاذيب حول قيام العراق بتصنيع اسلحة محرمة دوليا! واستغل هؤلاء احداث نيويورك عام 2001 فتم تحشيد الجيوش بشكل هستيري لخوض حرب غير متكافئة بين دول غربية عديدة تدعمها دول عربية بالمال والارض خاصة الكويت والسعودية ضد بلد مليء بالجراح محطم الاقتصاد منهار البنية التحتية اضعفته الحروب والحصار والضربات الامريكية المتتابعة خلال فترة الحصار. حيث رغم الحصار البربري الاجرامي فان العراق تعرض الى ضربات متتالية بالصواريخ والطائرات الامريكية خلال الفترة مابين عام 1991 وعام 2003 رغم ايقاف اطلاق النار. وكان من ابرز هذه الضربات همجية وبربرية هي الضربات الصاروخية التي قتلت العديد من الابرياء من قبل المجرم (بل كلنتن) رئيس امريكا الاسبق كتغطية لفضيحته الجنسية مع موضفة البيت الابيض مونكا لونسكي. حيث حاول هذا المجرم توجيه الانظار الى العراق لكي تتم التغطية على فضيحته في الداخل الامريكي وله ولغيره الويل من حساب الله العسير يوم تبلغ القلوب الحناجر. هؤلاء المجرمون يظنون انهم فعلوا فعلتهم انتهى كل شيء وهم خاطئون لان يوم الحساب سيكون عسير عليهم وسوف يفضحهم الله على رؤوس الاشهاد ويعذبهم عذابا نكرا شديدا خالدين فيه الى الابد ولايخفف عنهم العذاب. سوف لن يفلت كل من قتل طفل عراقي بريء وشرد اهل ذلك البلد من عقاب الله مهما فعل. سوف يأتى بهؤلاء مقرنين بالاصفاد ترهقهم ذلة ومسكنة وسيصلون سعيرا.

لقد اجهزت الحرب الامريكية البريطانية الاخيرة على جميع ما تبقى في العراق وجائت معها بحكام اغلبهم مفسدين يسرقون اموال العراق ولايهمهم الا مصالحهم الشخصية والفؤوية والحزبية والعشائرية والقومية والمذهبية المشتته. ولقد تم خلال الحرب تعذيب واهانة وانتزاع كرامة السجناء والموقوفين من قبل القوات الامريكية والبريطانية وكانت فضائح سجن ابي غريب وسجون البصرة خير دليل على ذلك. ومنذ 2003 والعراق يتعرض الى اشرس حملة من الموت وانعدام الامن والقتل والاغتيالات وسرقة المال العام والاستهتار الامريكي المحتل للبلد وغيرها من حالات الفساد المنظم. ومن العجب في بلد نفطي كالعراق كيف لايتم اصلاح ابسط البنى الخدمية كالكهرباء والماء خلال عقد كامل من الزمن بينما يتم بناء اكبر القواعد الامريكية الضخمة على ارضه. انه الاستهتار الامريكي والتعالي الذي يصب في خانة الاستبداد والاستكبار العالمي.

ان العراق سوف لن ينسى ما فعلته به امريكا وبريطانيا وحلفائها وسوف يخبر ذلك الاجيال جيلا عن جيل وسوف نبقى ندعو الله سبحانه وتعالى قاسم ظهور الجبارين ان ينتقم من الظالمين والمتكبرين والقتلة المجرمين ايما انتقام في الدنيا وفي الاخرة انه سميع مجيب الدعاء. كما وان ارواح الاطفال العراقيين التي زهقتها الحروب الامريكية وارواح الابرياء الاخرين سوف لن تستكين ولا تهدأ الا عندما يأخذ لها الله بحقها من الذين ازهقوها. ان الذين ازهقوا ارواح الابرياء سواء في الحروب او اثناء الحصار ايديهم ملطخة بدماء العراقيين الابرياء ولن تجف حتى يظهر الله قدرته بهم عن قريب.
ان الله يمهل ولايهمل واذا امهل طويلا فلا يعني ذلك أنه ترك الانتقام من المجرمين والظالمين والمتكبرين والمستهترين بل أن ذلك يعني انه كلما طال امهاله اشتدت عقوبته وتضاعف عذابه واسبغ انتقامه.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter