بسم الله الرحمن الرحيم


الثورة التونسية: بداية لتحرر الشعوب العربية من نير الدكتاتوريات



لم تكن البطالة او الفقر او الخبز هي الدوافع الرئيسية وراء ثورة الشعب التونسي البطل. لقد قالها احد الابطال التونسيين اثناء التظاهرات بأنهم لايريدون خبز ولاماء ولكن رحيل الدكتاتور.

لم تكن تونس تختلف عن باقي الدول العربية بوجود نظام شمولي دكتاتوري متسلط وظالم. حيث ان جميع الدول العربية دون استثناء تحكمها انظمة دكتاتورية متعسفة تحكم بالقهر والقوة ومدى الحياة. كما وينخر في كيان كل دولة من هذه الدول الفساد الادراي والرشوة والمحسوبية والاقصاء وكافة اشكال الفساد الاخر. كما وتتصف الانظمة العربية المتسلطة على رقاب شعوبها بأنها ترتمي في احضان الانظمة الغربية والنظام الصهيوني سراً وعلناً من اجل البقاء في السلطة مهما كلف الثمن حتى ولو كان ذلك في تقسيم بلدانها واذلال شعوبها.

وتتصف الانظمة العربية بالشك والخوف من شعوبها بسبب سياساتها الخاطئة والتعسفية. وفي ظل هذه الانظمة المتعسفة والمستهترة بحياة الشعوب يسيطر على مقدرات البلدان عدد محدود من الافراد يسرقون خيراتها بطرق متعددة تصل الى حد الاستهتار. وهؤلاء الافراد هم اما امراء العوائل الحاكمة او اقارب الحكام والمقربين منهم. ولقد اصبح الحكم في البلدان العربية يتوارثه الابناء عن الاباء بل وهناك بلدان كبيرة اصبحت هي ومواطنيها يسمون بتسمية العائلة الحاكمة!

ولم تكن تونس بمعزل عن هذا الالم الكبير والمتفاقم الذي تعاني منه الشعوب العربية والذي لم يعد له مكان في ظل عالم مكشوف وصغير ومتطور. فلقد سقطت الحكومات الدكتاتورية في انحاء العالم ولم يبقى منها الا العالم العربي المقهور.

الشعب التونسي هو مثال لما تعانيه الشعوب العربية كافة ودون ادنى شك. وكما انفجر الشعب التونسي بعد ان بقي يغلي لفترة من الصبر فأن باقي الشعوب العربية لاشك أنها تغلي وقد تنفجر في اية لحظة وهذا هو المؤكد ولكن لكل منه توقيته الخاص القادم لامحالة؟ وسيكون الشعب التونسي وثورته مثالا لباقي الشعوب العربية يحتذى به. وهذا ما رأيناه بظهور تأييد واضح عن طريق المظاهرات والانترنيت والقنوات الفضائية والتي من خلالها عبرت الشعوب العربية المختلفة عن كراهيتها للانظمة الدكتاتورية المتعسفة والحاكمة مدى الحياة سواء بشكل مباشر او بشكل غير مباشر عبر تأييد الثورة التونسية.

كانت الثورة التونسية كاسحة وسريعة ونجحت دون ان يكون لها قيادات واضحة ما عدا الشعب الذي قاد نفسه بنفسه. وكانت هناك عدة اسباب لنجاحها ومن اهمها تكاتف الشعب ورفع حاجز الخوف وتقديم التضحيات والاستمرار بل والتصعيد بالعمل الثوري والتظاهر. ومن اهم العوامل لنجاح الثورة هو انظمام الجيش وبعض قوات الامن الى الشعب لانها جزء لايتجزأ منه مما عجل بسقوط الدكتاتور. هذا التوجه والثورة المتصاعدة سيكون له ما يماثله في باقي البلدان العربية عندما يحين وقته. وبما أن تونس قد انفجرت فهناك غيرها من البلدان العربية تنتظر على احر من الجمر للتغيير لان الشعوب سأمت الدكتاتوريات المتسلطة والفساد والعوائل المستهترة بحق الشعوب. ونحن نرى أن البعض من الناس اخذ يحاول جاهداً ان يكرر السيناريو التونسي حتى ولو بحرق وايذاء نفسه او موته كما حصل في مصر والجزائر خلال الايام الماضية ناهيك عن الاردن واليمن.

ومما يثير الاستغراب فأن الحكومات العربية حاولت ان تغطي على ثورة الشعب التونسي بل وقد استنكرها بعظهم واعلن اسفه على سقوط الدكتاتور في حين منح الاخر منهم ملجئاً للدكتاتور. ولكن نسي هؤلاء بأن الزمن اليوم هو زمن المكشوف الذي اذا حصلت فيه مسألة بسيطة في قرية نائية يمكن للجميع ان يشاهدونها في نفس الوقت وفي كل مكان. فالشعب المقهور اذا ثار لايمكن اسكات صوته بسهولة ولامجرد قمعه دون دراية من احد لان ذلك الزمن قد ولى. وهذا يمنح الشعوب فرصة للثورة وهذا هو احد اسباب نجاح الثورة التونسية.

بقي شيء اخير وهو ان الثورة التونسية البطلة قهرت الدكتاتور واثبتت للعالم بأن الدكتاتور اذا سقط كان اول من يتنكر له هم اولئلك الذين دعموه من البلدان الغربية التي لم تكن في يوم من الايام الا بلدان مستعمرة ومحتلة للبلدان العربية وقاهرة لشعوبها ومنها فرنسا التي طردت دكتاتور تونس السابق ولم تسمح له بالمجيء اليها. فبالرغم من ان هذه البلدان الاستعمارية لم تكن تهمها الشعوب العربية بل على العكس لانها تدعم الحكام المتعسفين ضد شعوبهم ولكن هذه الحكومات لم تكن لتقدر ان تفعل ما كانت تفعله سابقا قبل تطور وسائل الاتصال والاعلام فهي في موقف حرج امام شعوبها والمنظمات الاخرى.

اخيرا وليس اخرا والاهم من كل ما ذكر هو ارادة الله العلي القدير! فالله سبحانه وتعالى يمهل ولايهمل ولايقبل بالظلم ولا التعسف ولا الفساد ولا الاستهتار ولايحب المتكبرين ولا الفاسقين ولا الكافرين وهو لهم بالمرصاد. فالحاكم الذي يظلم شعبه ويستهتر بمقدراته ويسمح لافراد عائلته بفعل نفس الشيء ويتسلط على رقاب الناس بالقوة والقهر والتكبر سوف يقهره الله شاء ام ابى ويأتيه من حيث لايحتسب كما فعل ذلك بالعديد من الطواغيت وان شأتم فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل.

ولاننسى الشاعر التونسي الكبير ابو القاسم الشابي:

اذا الشعب يوماً اراد الحياة
فلابد ان يستجيب القدر
ولابد لليل ان ينجلي
ولابد للقيد ان ينكسر

تحية اجلال واكبار للشعب التونسي البطل وعليهم عدم السماح لظهور دكتاتور اخر وذلك بوضع دستور جديد يسن لديمقراطية ودولة مؤسسات لادولة افراد ورؤساء وعوائل ووراثة وامراء.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter