بسم الله الرحمن الرحيم

الصحفي العراقي منتظر الزيدي انقذ جورج بوش ولم يضره


أن ما فعلته امريكا بالعراق وشعبه منذ الحرب الايرانية العراقية ثم حرب الكويت مروراً بالحصار البربري ثم الحرب المستمرة حالياً يفوق كثيراً ضربة حذاء واحدة لرئيس لايمثل الا جزءاً واحداً فقط ممن أشترك بهذه الماسي العراقية التي تسببت بها دول عربية كثيرة كدول الخليج ومصر وسوريا والاردن وايران وغيرها ولحد الان. ولكن السؤال كما طرحه العديد هو هل أن هذا هو الاسلوب الامثل لتحقيق المراد منه؟ والجواب المنطقي هو أن هناك أساليب اخرى اقوى يمكن ان تحرج جورج بو او غيره ممن تسببوا بالمآسي العراقية. بل وأن ما فعله الصحفي الذي القى بحذائه على جورج بوش هو أنقاذ لجورج بوش في الحقيقة و بشكل كبير جداً. فهناك قسم من الصحفيين كانوا قد اعدوا اسئلة تحرج جورج بوش قد دفعتهم الحادثة الى التراجع عن ذلك. وفي نفس الوقت كان يمكن لهذا الصحفي ان يعد هو نفسه اسئلة محرجة او كان يمكن له ان يعبر برفع لافته يكتب بها ما يريد قوله وهكذا يسجل ما يريد.

والاهم من ذلك هو ان هذا الصحفي لم ينقذ جورج بوش فحسب من الاحراج بل اظهره بأنه هو الضحية لاعتداء واهانة. والاكثر من ذلك اظهر جورج بوش بأنه ذلك الشخص النبيل الذي يعفو عن المعتدين عليه ولايطالب بمتابعتهم قانونياً وهو من حقه ان يفعل ذلك ضد المؤسسة التي ارسلت ذلك الصحفي وليس الصحفي نفسه فحسب.

أذن فأن الصحفي المذكور قد اضر بمؤسسته وبنفسه وبزملائه وبشعبه وكان المستفيد الوحيد منه هو جورج بوش الذي برر ذلك على انه وجه من وجوه الديمقراطية والحرية في البلد. وهذا التبرير ينسحب على فائدة ثانية كسبها جورج بوش وذلك بالقول للاخرين انظروا الى الديمقراطية التي من اجلها قمنا بالحرب. نعم هكذا قال بوش وهكذا انصب هذا التصرف بصالحه وليس العكس كما احتفل به البعض.

الشيء الاخر هو أن بعض وسائل الاعلام العربية مثل السورية وغيرها اعتبرت بأن هذا العمل بطولي. نحن لانختلف معهم من ناحية واحدة هي أن العراقيين جميعاً أبطال وبضمنهم الصحفي المذكور فهو ان لم يكن بطلاً جريئاً ما استطاع فعل ذلك رغم عدم اتفاقنا مع اسلوبه. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه على وسائل الاعلام والفضائيات العربية هو ماذا سيحصل لو ان بطلاً من بينهم استجمع بطولته ورمى بحذائه على شخص امريكي او اسرائيلي اقل مكانة من الرئيس وبحضور وزير عادي وليس رئيس دولة او ملك او شيخ او امير او رئيس وزراء فماذا سيكون حسابه؟ لاشك هو غيابه في دهاليز السلطة من المخابرات والامن والويل لمن يطالب به. وسوف تدخل قضيته من باب الخيانة والعمالة و التجسس وغير ذلك من تهم كثيرة وجاهزة.

لحد الان جورج بوش وادارته لم تصرح بانها ستقاضي مؤسسة هذا الصحفي او هو نفسه باعتبار تعرض الرئيس الى اهانة وهذا ينسحب على الشعب الامريكي الذي يمثله هذا الرئيس رسمياً. ولكن هذا لن يمنع من قيام بعض المؤسسات الامريكية التي تدرس الامر الان من ناحية قانونية من مقاضاة مؤسسة هذا الصحفي باعتباره وجه اهانة للشعب الامريكي الممثل بشكل رسمي بشخص رئيسه. علاوة على ذلك يمكن للسيد نوري المالكي من اقامة الدعوى لان الصحفي استهدف ضيفه الرسمي وشخصه الواقف معه واستهداف العلم العراقي بالحذاء ولو بطريق الخطأ.

ان جورج بوش يستحق اكثر من ضربة حذاء ولكن ليس بالاسلوب الذي تم لانه اساء للعراق اكثر مما افاده اضافة الى انه افاد جورج بوش اكثر مما اضره!

فضائية البغدادية اثببت بانها تنتهج نهج رد الفعل الانفعالي والمتشنج والذي يذكرنا كشعب عانى الكثير ببيانات الحروب التي كانت تحرق الاخضر واليابس وتدمر ثم يقال لنا بأنه النصر! وتذكرنا ببياناتها أي بيانات (مجلس قيادة الثورة) عندما يقرئها المذيع المختص بنفس النبرة والنهج فعندما يقول (اصدر مجلس ....) يخيل اليك بأنه سيقول بعدها .... قيادة الثورة مما يجعل دماغك يهمل ما يقول وهو .... ادارة البغدادية .. ويفسرها بما خيل اليه وهو قيادة الثورة. اننا ننصح فضائية البغدادية بتقديم اعتذار (للشعب العراقي ممثلاً برئيس وزراء العراق نوري المالكي) ليس لاننا نتفق مع نوري المالكي بل نعارضه بالكثير ولكن هو من يمثل الشعب رسمياً اليوم. كما وان حذاء منتسبها قد مس العلم العراقي او على الاقل استهدفه. ومن الناحية الديمقراطية فأن الاعتداء ليس من الديمقراطية بشيء بل على العكس أذ ان الديمقراطية تعني عدم الاعتداء بالضرب بل التعبير بالكلمة الحرة الصادقة. على أن الايام القاديمة قد ينتج عنها مطالبة بعض الجهات الامريكية مقاضاة مؤسسة الزيدي فيجب ان يستعدوا لذلك.

فالرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم كان يلقي عليه يهودي الاوساخ عندما يمر في طريق منزله وعندما انقطع ذلك سأل عنه فقيل له بأن ذلك اليهودي مريض. فما كان منه عليه السلام الا بالقيام بزيارته مما نتج عن ذلك اعتناق اليهودي للاسلام واعتذاره عما ورد منه. ناهيك عن قيام الامام علي عليه السلام باطعام عبد الرح** بن ملجم من نفس اللبن الذي جلبوه له (اي للامام) وهو يعاني من مرض الموت بعد ان ضربه بن ملجم ضربته التي استشهد فيها. نحن لانقول ان نتعامل هكذا مع بوش ومن لف لفه ولكن كان يمكن ان نحرجه اكثر لولا ما حدث.

كما واننا نطالب الحكومة العراقية بالتعامل الانساني الكريم مع منتظر الزيدي لانه اولا عراقي وثانياً قد يكون كالكثير منا رأى بأم عينيه وبضميره ما عمله الامريكان بالعراق من استهتار وجرائم وحروب وقتل وتدمير منذ عشرات السنين وهم الذين ابقوا على صدام بالحكم خاصة بعد حرب عام 1991. فقد يكون الزيدي قام بفعلته تلك من منطلق عاطفي مشحون بما شاهده من واقع مرير على مر السنين الماضية. نحن لانطلب له الاعذار ولكن يجب توخي الحذر من توجيه التهم والمثل يقول (انصر اخاك ظالماً كان او مظلوما). أي اذا كان ظالماً فنصحه وتقويمه وعدم التخلي عنه في حال تعرضه للشدة. فنحن نطالب الحكومة العراقية بمعاملة مظفر الزيدي بما يليق بالدولة المتحضرة المدنية الديمقراطية وترك الامر للقضاء المستقل لكي يقول كلمته في ذلك دون تدخل. ويجب اتخاذ التدابير اللازمة لعدم تكرار ذلك في المستقبل حيث أنه قد يستغل من قبل البعض فيكرر مما ينتج عنه سلبيات عديدة.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter