بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يمكن للعراق ان يتجاوز محنته الحالية؟


كان العراق قبل سقوط بغداد بيد القوات الامريكية والمرتزقة المتحالفة معها عبارة عن غريق بحاجة الى من ينقذه مما هو فيه ولكن للاسف فان الذي انقذه هو نفسه الذي اغرقه! وعلى هذا الاساس اخرج المنقذ ضحيته ليلقي بها من الماء الى النار.

كيف يمكن لغريق مثل العراق الذي اغرقته الدكتاتورية والتعسف والاضطهاد والحروب أن يُخرَج الى اليابسة ليلقى به الى طريق الاصحاء ويطلب منه ان يمشي سوياً! الم يكن من الاجدر بالغريق ان يسعف ثم يدخل غرفة الانعاش ثم تتم معالجته حتى يتأكد بانه اصبح قادراً على السير في الطريق الصحيح؟!

ان القرارات التي حل بها الجيش العراقي وقوى الامن وارادت للعراق ان يسير على طريق الديمقراطية مباشرة بعد عقود من غياهب الظلام والتعسف هي قرارات غير صحيحة وقد تكون متعمدة ومدروسة لغايات في نفوس الذين وضعوها.

لم يكن الشعب ولا الجيش ولا الاحزاب مؤهلة للدخول في الديمقراطية بعد سنوات طويلة من الحكم الفردي المطلق والتعبئة الفكرية المتواصلة للشعب حول شخصية الدكتاتور. ولهذا السبب فان قطاعات الشعب العراقي وبعد سقوط الدكتاتور الاوحد الذي جعل من نفسه رمزاً مفروضا طوال اكثر من عشرين سنة صارت تفتش لها عن دكتاتور اخر ولكن هذه المرة ضمن توجهاتها المذهبية اوالعرقية اوالقومية. ومما ساعد على ذلك هو مجيء بدائل عديدة تحمل نفس التوجهات الدكتاتورية ولكن بطرق غير ظاهرة فهي تظهر ما لاتخفي. فصارت الدكتاتوريات متعددة على شكل احزاب او اشخاص او رجال دين او شيوخ عشائر او عصابات مسلحة وهلم جرى. ولقد ساعدت الدول الاقليمية مثل ايران وسوريا (وهما من محور الشر الامريكي) والسعودية ودويلات الخليج وبعض الدول الاخرى على ترسيخ حالات الدكتاتورية جنبا الى جنب مع الارهاب والاحتلال. وهنا فسد كل شيء وتفشى الفساد في كل ناحية من نواحي الحياة وتدمرت العرى الاجتماعية وتفكك النسيج العراقي الجميل مما جعله وباءا وليس جمالا. ولايخفى بأن القانون الطبيعي يقول (اذا شاع الفساد فلابد من وقوع البلاء والدمار)! وهذا ما حصل فالذي يحصل في العراق هو دمار بكل معنى الكلمة؟

وللاسف وبعد هذا الدمار الفادح لم يرعوي احد من الذين شاركوا وتسببوا فيه. فلا الاحزاب بدلت من توجهاتها على الاقل حفاضا على ما تبقى من شيء يهم الشعب ولا المحتلين من المرتزقة الصليبين والصهاينة غيروا نهجهم بشكل يصب في مصلحة للشعب العراقي ولا دول الجوار المعتدية والظالمة للشعب العراقي غيرت من توجهاتها بل على العكس فهي توغل بقتل هذا الشعب بحيث وصل بها الامر الى ان ترسل مئات الاحزمة الناسفة دفعة واحدة وفي شحنة واحدة وبشكل مستهتر وحقير. ومن اهم الاسباب لجميع ذلك هو ضعف حكومة العراق برئاسة كتلة عبد العزيز الحكيم وحزب الدعوة التي اصبحت لاتصلح لادارة مدرسة ابتدائية في منطقة نائية من مناطق العراق. انها الطامة الكبرى التي حلت على هذا الشعب والذي بيده ساعد على ذلك.

ان الشعب الذي خرج من دكتاتورية العصابة الواحدة ساعد الدكتاتوريات الجديدة على التسلق على ظهره فصفق لاصحاب العمائم ورفع صورهم بدل صور صدام ولم يقولوا له لاتصفق بل شجعوه وصفق (لابراهيم الاشيقر) وشجعه وصفق للمالكي فسكت والسكوت علامة القبول وهكذا. علماً بأن العصابة التي حكمت لم تدمر الشعب العراقي فقط بل دمرت حتى (حزب البعث) الحاكم وحولته الى بوق يطبل للدكتاتور فحسب.

ان الحل الوحيد امام العراق هو مايلي:

اولا: اقصاء جميع الاحزاب الطائفية الحالية سواء الشيعية او السنية او العلمانية التي تصطبغ بالطائفية وغيرها من مجموعات متناحرة وعدم السماح لها بالعمل السياسي في الوقت الحاضر الا بعد استتباب الامن وعلى ان تغير من مفاهيمها الطائفية.

ثانيا: تشكيل حكومة وحدة وطنية ليس لها علاقة بالمحاصصة الطائفية بل على اساس الكفاءة والخبرة ومن كافة مكونات الشعب على ان يكون رئيسها رئيسا لحكومة انقاذ وطني لها صلاحيات متعددة ومن الافضل ان يكون عسكريا حازما بل ودكتاتورا عادلا.

ثالثاً: يتم حل البرلمان ويشكل بدله مجلس انقاذ وطني من كافة شرائح الشعب وله صلاحية التشريع المؤقت لحين استتباب الامن واجراء انتخابات حرة عادلة وفي عراق امن.

رابعا: يتم اعادة الجيش العراقي بكافة الصنوف و التعجيل بتسليحه بشكل قوي ومهني كما ويتم تطهيره من العناصر الغير مهنية والمرتبطة باحزاب او جماعات مسلحة.

خامسا: حل كافة الميليشيات دون استثناء.

سادسا: اغلاق الحدود مع ايران وسوريا والسعودية حتى استتباب الامن والابقاء على حدود مراقبة بشدة مع الاردن والكويت وتركيا فقط.

سابعا: تصدر حكومة الانقاذ الوطني التشريعات والقوانين اللازمة للحفاظ على الامن الداخلي بما في ذلك حركة ومواقف السيارات والعربات والتنقل بين المحافضات وفرض الاحكام الخاصة مع تشكيل لجان محلية في الاحياء والمناطق و تكون مسؤولة عن الحماية الامنية لمناطقها.

ثامناً: تشكيل محاكم عسكرية تأخذ على عاتقها محاكمة كل من يرتكب او يحاول ارتكاب عمل تخريبي او ارهابي او يتستر او يساعد على ذلك وتنفذ بحق المدانين او المجرمين اقصى العقوبات خاصة اذا كان هؤلاء المجرمين من غير العراقيين. ويتم تنفيذ احكام الاعدام بشكل علني على المجرمين الخطرين منهم.

تاسعا: تقوم حكومة الانقاذ الوطني بالطلب من مرتزقة الاحتلال بوضع جدول زمني يتم فيه الانسحاب التدريجي بحيث لايتعدى 12 شهرا يتم خلالها تسليح وتدريب الجيش العراقي بشكل متعدد وكبير وعدم الاعتماد على الجانب الامريكي فقط.

عاشرا: تعاد الخدمة الالزامية في الجيش لمدة لاتقل عن 12 شهرا على الاقل وعلى جميع الذكور دون استثناء.

حادي عشر: تقوم حكومة الانقاذ الوطني المتمثلة برئيسها بالقيام بالتحرك على كافة الاحزاب والجماعات لكي يتم ضمها للعملية السياسية التي تبدأ حالما يخرج المحتل وذلك باجراء انتخابات حرة وتحت رعاية ومراقبة دولية تتمثل في الامم المتحدة ومجلس الامن والاتحاد الاوربي والاسلامي وبمراقبة الجامعة العربية ان شائت.

ثاني عشر: تكون حكومة الانقاذ الوطني مسؤولة عن تحقيق الامن والتقدم بالخدمات ومنع الفساد ومعاقبة المخالفين وعدم السماح للانتهازيين على ان تكون مدتها لاتزيد على 24 شهرا يتم خلالها خروج المحتل. ويكون وزراء ورئيس هذه الحكومة من غير السياسين الموجودين في الساحة حاليا ومن الذين لاينتمون الى احزاب ولابأس ان يكونون من الذين يحضون بتأييد من هذه الاحزاب ولكن ليس ذلك ضرورياً. ويحق لهؤلاء الترشح للانتخابات القادمة بعد الاستقرار على ان لايستغلوا مناصبهم من اجل ذلك. كما ويحق للمجموعات المسلحة التي تلقي السلاح حين وضع جدول زمني للانسحاب بان تشترك في انشاء احزاب لها الحق بالترشح للانتخابات القادمة على ان لاتكون ممن تلطخت ايديهم بدماء العراقيين من امثال عناصر القاعدة ومن معها. كما ويؤجل البت في القرارات المصيرية مثل النفط وغيره لما بعد خروج مرتزقة الاحتلال.

ان الوضع العراقي قد وصل الى درجة لايمكن عندها الترقيع وسوف لن ينفعه الاصلاح الا باجراء عمليات جراحية كبرى مثل ما هو مذكور اعلاه. ان الترقيع الحالي قد يؤدي الى التقسيم والانهيار التام. كما و ان الشعب العراقي يجب ان يفهم بان الله هو الذي يغير الاحوال ولكن ذلك لايحصل الا اذا غير القيوم ما في نفوسهم.

إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter