بسم الله الرحمن الرحيم


لماذا ترتفع وتيرة العداء ضد الشيعة والتشيع وما هي الاسباب الفعلية التي يجب تصحيحيها من قبل ملالي التكفير؟


ارتفعت في الاونة الاخيرة وتيرة اصوات عديدة وعلى مستويات دينية و سلطوية ضد الشيعة والتشيع في الدول العربية المختلفة خاصة تلك التي تشهد مداً شيعياً متزايداً. ويمكن ملاحظة التشنج الكبير الذي رافق تلك التصريحات والخوف من حصول مد شيعي كبير في البلدان العربية رغم ان ذلك كان مغلفاً بالخوف على السنة في العراق. ومن الذين اظهروا تخوفهم باشكال متشنجة وطائفية (ملالي) تبؤوا مناصب كان يجب على من يحتلها ان يكون شخصاً نزيهاً وحيادياً وغير منحازاً الى جهة او مذهب او قومية. ولايخفى ان احد هؤلاء هو المدعو (يوسف قرضاوي) الذي صعد نجمه من خلال بعض البرامج الخطابية المتشنجة في قناة (الجزيرة القطرية الطائفية المساندة للارهاب). اما بعض (الملالي) من مطوعي الوهابية السعودية فانهم لم يخفوا حقدهم الشخصي والمذهبي ضد شيعة آل بيت رسول الله (ص) بحيث افتوا بتكفيرهم وهذا يعني الافتاء بقتلهم. وهذا ليس بالشيء الجديد ولكن المهم انه يأتي بشكل علني على شكل فتوى صريحة وتحت انظار ومسامع السلطات السعودية دون ان تتمكن هذه السلطات من محاسبة او ايقاف التحريض على القتل مع انها جريمة يعاقب عليها القانون الدولي ويرفضها الدين. وعليه فان هذه السلطات اما ان تكون عاجزة عن منع هؤلاء من التحريض على الجريمة والقتل او انها توافقهم الرأي وهذا هو الصحيح. اذ ان العديد من هؤلاء المحرضين على القتل هم من رموز السلطة الدينية المتضامنة مع السلطات الحكومية على اعلى المستويات. ومما يؤكد ذلك هو بعض التصريحات المباشرة التي جاءت من (الملك) السعودي والمرتبطين معه سواء في الحكومة او الاعلام ومنهم (المدعو حسين شبكشي) الذي ظهر في برنامج على (قناة الحرة) مع (اثنين من الشيعة) احدهم (اياد جمال الدين من العراق) وكذلك جائت على لسان (حمد جاسم) وزير خارجية (مشيخة قطر).

ان الاجدر بملالي الفتاوي التكفيرية من امثال قرضاوي وملالي الوهابية السعودية ومن شابههم ان يفكروا في الاسباب التي أدت الى التراجع الرهيب لهذه الامة والفتنة العمياء التي تمر بها وهي نفس الاسباب التي دعت غير المسلمين من التجرأ على هذا الدين ورموزه من امثال الرسول (ص). كما وانها نفس الاسباب التي جعلت الاخرين يهربون من الدين الاسلامي ويوصمونه بالارهاب. كيف لا وانت حينما تمر في بعض محلات بيع الكاسيتات في مكة مثلاً تسمع من هؤلاء الملالي من يقول بان (محمد) قد انتصر دينه بالرعب الذي يمشي امامه مسافة شهر. فهذه الستراتيجية الارهابية قد صارت عقيدة تبث الكراهية والحقد والبغضاء ضد كل من يخالف منهجها المتخلف. ولم تكلف هذه العقلية السطحية لهؤلاء نفسها بالبحث عن الحقيقة في التاريخ فلو كان رسول الله قد انتصر بالرعب لما اطلق (الطلقاء) بعد فتح مكة وهم ليسوا بمسلمين ولما ارجع مبعوثي (مسيلمة الكذاب) اليه وهو يقول لهم (لولا اعلم ان الرسل لاتقتل لقتلتكما). بل لعل هؤلاء يقصدون بالرعب هو رعب (أبن سعود) عندما بقر هو و (ابن عبد الوهاب) بطون الحوامل عندما كان يهجم على البلدان ليضمها الى مملكته التي باركها الجيش الانكليزي.

ان هؤلاء لو درسوا اسباب انهيار الامة الاسلامية اليوم لوجدوا بانهم انفسهم يتصدرون قائمة تلك الاسباب. كما ويتصدرها التفسير الغير صحيح للدين والنظر بعين واحدة للتأريخ وتقديس من غبر من الماضيين دون تمحيص وتدقيق. فالمسلم الذي يرى بام عينه ذبح الابرياء دون ادنى رحمة او سبب وبلا تخويل وقتل الابرياء بالسيارات المفخخة والاحزمة الانتحارية سوف يتسائل عن الهدف والسبب وهل هذا هو الدين؟ فهل الدين هو قتل الاطفال والنساء والشيوخ والعمال وهدم البيوت والموارد الاقتصادية كالنفط واغتصاب النساء على شكل مجموعات حيوانية تتشرف منها (الصراصير والجرابيع) ثم قتلهن ورمي جثثهن في مجاري الانهار؟ ان الدين لم يكن هكذا ولن يكون ومن حق المسلم ان يسأل عن (الملة) او المذهب او المرجع الذي يشرع ذلك؟ فهو عندما يرى ملالي السعودية والقرضاوي يشرعون ذلك لايقبل به ان كان متفتحاً نزيهاً وعلى درجة من الذكاء والثقافة التي تؤهله للتمحيص والدراسة. ان الزمن لم يعد يقتصر على الكتاب ولايمكن لاحد ان يسد الابواب كما في الماضي فالانترنيت والفضائيات واجهزة الاتصال المتنقلة وتيسر وسائل السفر السريع والمريح جعلت الحدود تقتصر على المسافرين من و الى بعض البلدان. وعليه فلا احد يمكن ان يقف بوجه المسلم الذي يريد ان يبحث عن الحقيقة. ان على القرضاوي وملالي فتاوي القتل السعوديين ان يعترفوا اولا بان السبب الاخر (بعدهم) هو عقيدة الكراهية الوهابية التكفيرية التي تسببت بنشر الارهاب ونشر الكراهية ضد الدين من قبل الاخرين وهي نفسها التي تنشر الكثير من التساؤلات في نفوس مسلمي العالم العربي وغيره. فهل سأل القرضاوي وهؤلاء الملالي انفسهم عن السبب في (انتشار التنصير بشكل رهيب) في الجزائر والمغرب ومصر وبعض بلدان الاعراب حتى الخليجية منها؟! ام ان هؤلاء لايهمهم ذلك وما يهمهم هو فقط (التشيع)! اننا نرى وبلا شك ان الذين تنصروا في الجزائر والمغرب والخليج وافريقيا كان افضل لهم وللعالم الاسلامي لو انهم تشيعوا.

وعليه فالاسباب التي يجب على قرضاوي ومن لف لفه ان يبحث عنها هي منهج التكفير الوهابي والعقلية الاعرابية المتخلفة الانفعالية التي لاتقبل بالاخر وتفعيل الفتنة بدل الوحدة من قبل ملالي الفضائيات ومطوعي السعودية. هذه هي الاسباب التي يجب ان تعالج ونحن نقول هذا لاحقداً على احد ولا تعصباً لمذهب ولكن حرصاً على الدين وهذه الامة التي ابتليت بملالي متعصبين على مدى التاريخ. نقول هذا ويقوله معنا الكثير من المسلمين الواعين والمثقفين سواء كانوا شيعة او سنة او عرب او غير عرب. كما ويقوله معنا الكثير من العرب من غير المسلمين. فالدين هم حب واخاء وسلام ووحدة وتسامح وعفو ورحمة ودعاء وصبر وتحمل وحرية في ابداء الرأي وفي الاختيار وديمقراطية تحترم بها الاراء والاختلافات. والدين ليس ارهاب ولاقطع رؤوس ولاقتل ابرياء بالمفخخات والاحزمة الناسفة ولاترويع ولاتكفير ولا انحياز لمذهب دون اخر او طائفة دون اخرى فان امر ذلك متروك للفرد يمحص ويقرأ ويبحث ليختار ومتروك بالنهاية كل الامر لله سبحانه وتعالى.

كان الاجدر بالقرضاوي وملالي الوهابية السعودية ان يفتوى بحرمة الدم العراقي سواء كان شيعياً او سنياً وليس بازكاء الفتنة الطائفية بالميل الى جانب واحد ضد اخر مع تحليل دم الاخر بشكل مباشر كما عند ملالي المطوعيين وبشكل غير مباشر كما في القرضاويين. ان هؤلاء الذين يريدون ازكاء الفتنة الطائفية مثل قرضاوي يجب ان لايحترموا وان تتم تعريتهم من قبل السنة قبل الشيعة وان يتم رفضهم وفض فتاويهم ليس من (الرافضة) فحسب بل من السنة لان (رفض) الباطل شيء واجب على كل مسلم بل وكل انسان.

كما وان على العراقيين ان يفهموا بانهم عليهم ان يعيشوا في وطن واحد يضم اطياف لو جمعت مع بعضها تشكل نسيجاً اجتماعياً ليس جميلاً فحسب بل وقوياً اذا شد الى بعضه البعض وان مايريده منهم القرضاوي وملالي التكفير والقتل والفتنة الطائفية من السعوديين ومن يواليهم هو تدمير ما تبقى لديهم وتكبيل عقولهم بقيود العبودية لشخص معين او فكرة معينة دون الانطلاق بالعقل المتحرر الذي اراده الله للانسان. ان مفهوم الحرية هو ليس الركض وراء ما يفعله العراة او مايقوم به الشواذ او الانسلاخ من المباديء كما وانه ليس الانقياد الاعمى وراء بعض الشخوص التي ترسم حولها هالات قدسية لايمكن تجاوزها. ان الحرية هي الالتزام بمباديء الله والتحري عن افضل الوسائل لتحقيق ذلك وهذا ما قاله الله سبحانه وتعالى بقوله:

(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (الزمر : 18 )

(وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ) (الأنفال : 21 )

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) (المائدة : 104 )

(بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل : 44 )

وهنا لابد من الاشارة الى نقطة مهمة اخيرة قد يخفيها هؤلاء الا وهي الخوف من ايران كدولة نووية وهذا يفسر جانب من الهجمة على الشيعة ولكن في هذه الحالة يبقى الامر مبطن. فالجميع يعرف مدى الانعطاف الذي يمكن ان تولده ايران النووية في المنطقة ويبدو ان هذا قادم لامحالة وهذا هو خوف السلطات ولكنهم يقعون في الخطأ مرة ثانية لان الشيعة ليس لهم علاقة في ذلك سوى انهم سيفرحون بان تكون دولة اسلامية تحقق تقدماً كما فرحوا عندما تقدمت باكستان في ذلك رغم ان التأثير الايراني سيكون اكبر بسبب موقعها واهميتها الاستراتيجية علاوة على حضارتها ومواردها البشرية والمادية. كما ويخطأ الاعراب مرة اخرى عندما يعتبرون ايران دولة معادية كما فعلوا اثناء حرب (صدام-الخميني) بينما يمكن للعرب وايران ان يتعاونوا اقليمياً لتضاف قوة احدهما الى الاخر ولكن هيهات مادام نفس الحكام وملاليهم يتربعون على العروش التي تجثم على صدور الشعوب المغلوبة على امرها والمبتلاة برجال دين يعملون للسلاطين وبسلاطين لايهمهم الا ملذاتهم السلطوية.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter