بسم الله الرحمن الرحيم

مهزلة القضاء العراقي يجب ان يضع لها حداً


لاشك بأن الانتقال من حالة النظام التعسفي والذي لامثيل له في العصر الحديث الى حالة مقبولة وحضارية من الديمقراطية والحرية عملية صعبة للغاية وتحتاج الى وقت ليس بالقصير. وان من متطلبات عملية الانتقال هذه ولكي لاتتكرر مآسي الانظمة الدكتاتورية هو بناء دولة المؤسسات وليس مؤسسات الدولة وبشكل جدي.

ان كل بناء قد تصاحبه سلبيات غير مرغوب فيها خاصة اذا كان الهيكل العام قد ورث سلبيات عديدة سواء من الانظمة السابقة او من الموروث الاجتماعي الفاسد مثل تقديم المحسوبية والمنسوبية على الكفاءة والخبرة وما شابه. وبالاضافة الى التوعية الجماهيرية فان بناء المؤسسات يجب ان يتم بدقة تجعلها خالية من كافة انواع الفساد والا فان ما يبنى على الفساد سوف لن يكون نافعاً حتى للذين يستفيدون منه على المدى البعيد. ان كل شيء يبنى على الخير والصدق والاخلاص وتكافؤ الفرص والمساواة يكون مباركاً يعم خيره على الجميع وكل شيء يبنى على الكذب والرياء وعدم الاخلاص والفساد يكون نحساً يصيب شره حتى الذين يستفيدون من فساده باديء الامر و مهما طال الزمن.

ان من اهم المؤسسات التي يجب ان تكون نظيفة وقوية وحازمة هو القضاء. فالقضاء يجب ان يكون ذا قوة فوق الجميع بما في ذلك القائمين على القضاء انفسهم. ونحن نعلم بان القضاء يحتاج الى قوة امنية مساندة ومحايدة ولاتتدخل في الشؤون السياسية وغير متحزبة وان كانت عناصرها تنتمي الى جهة ما. وعلى هذا الاساس فان القضاء والشرطة او ما شاكلها من قوات عسكرية وامنية لحفظ النظام يشكلان عنصرين لايستغني احدهما عن الاخر في دول المؤسسات. واذا ما اصاب احدهما الضعف فان ذلك ينعكس بشكل سلبي ومباشر على الاخر.

ان القضاء العراقي يبدو لكل من يراقبه حتى و ان لم يكن متخصصاً بالقضاء, يبدو ضعيفاً وكأن ضعفه وضعف القضاء على الارهاب والجريمة من قبل قوات الامن شيئان لاينفصلان!

وان من اهم القضايا التي وضعت القضاء وقوات الامن على محك الاختبار هما مكافحة الارهاب ومحاكمة صدام وعناصر عصابته الاجرامية.

ان من الخطأ تصديق الذين يجاملون في كتاباتهم واحاديثهم بان القاضي (رزكار محمد امين) يمتلك خبرة كبيرة وماشاكل ذلك لان الخبرة التي يمتلكها لاتتعدى كونها خبرة معقولة في قضايا على مستوى محافظة كردية واحدة لاتتعدى قضاياها الجرائم الفردية والعادية البسيطة. ولقد تعرض هذا القاضي الى ضغوط نفسية لم يتمكن من مقاومتها ولم يستطع ان يوازن بين حجم الجرائم المرتكبة في قضية الدجيل وبين ادارة جلسات المحكمة مما حولها الى مهزلة مهاترات لصالح المتهمين الذين لم يتمكن القاضي من ضبطهم وايقاف تعرضهم البذيء للجميع يمينا وشمالا!

ان القاضي الذي يمتلك الخبرة العالية لايكون ليناً فيعصر ولاصلباً فيكسر. ويشمل ذلك كافة الضغوط حتى ولو كانت من جهات حكومية او ماشابهها. حسناً فعل (القاضي رزكار) باستقالته ولكن هذا لايعفيه من مسؤولية تهاونه خلال الجلسات السابقة واعطائه صورة ضعيفة للقضاء العراقي تم انتقادها من قبل مؤسسات قضائية واعلامية عالمية.

ان أي قاضي يجب ان يضع في حساباته بان قضية محاكمة صدام ليست بالامر الهين بسبب حجم الجرائم وعليه فانه يجب ان يضع بالحساب تعرضه للضغوط المختلفة وهذا ما لم يتمكن القاضي (رزكار) من حسابه فلم يتمكن من الصمود ولعل لديه عوامل شخصية فهذا شيء آخر.

ان تنصيب (سعيد الهماشي) بديلاً (لرزكار امين) واتهامه بالبعث ثم عدم حضوره جلسة المحكمة وتنصيب قاضي اخر كل ذلك اضاف الى القضاء العراقي ارتباكاً وضعفاً قد يكون مقصوداً من جهات تحاول تصويره كذلك تمهيداً للضغط لنقل محاكمة صدام الى بلد آخر.

ان المطلوب من القضاء العراقي الان هو ان يثبت قوته وان ينصب قاضي يمكن الاعتماد عليه وان يضع لهذه المحكمة آلية ترسم بدقة وباخذ كافة الاحتمالات بحيث لايمكن لاي عارض او استقالة او ماشابه ان تؤثرعلى سير المحكمة. ان الدقة والحزم والقوة والسرعة في تقديم الادلة التي في الحقيقة هي واضحة حتى للاعمى والاصم هي امور حيوية لاي قضاء فما بالك بجرائم كبيرى ضد شعب بل ضد شعوب كاملة.

ان القضاء العراقي لايزال ضعيفاً في تحقيق العدل ضد مرتكبي جرائم القتل والارهاب وهذا سبب لتفاقم الجريمة والارهاب وعدم وجود الردع اللازم للوقاية من ذلك. وقد يكون هذا تهاوناً لحماية الشعب من الجريمة.

ان الامن ليس من مسؤولية الشرطة والجيش لوحدهما بل يتحمل القضاء مسؤولية كبيرة لاجتثاث الجريمة. وهذا يتطلب الحزم والقصاص العادل والسريع خاصة اذا كانت الجرائم كبرى وكان صاحبها يتحمل مسؤولية كبرى في ذلك.

ان مهزلة القضاء العراقي يجب ان تنتهي ابتداءاً من محاكمة صدام ومرتكبي الارهاب ومروراً باصدار القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات ابتداءاً بالرئيس ثم الوزراء والمدراء ورجال الدين بمختلف درجاتهم وبغض النظر عن مواقعهم وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا سرقات لاموال الشعب او ارتكاب الفساد. وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امراً بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter