بسم الله الرحمن الرحيم

النفاق السعودي في خدمة الحجاج


بلغ عدد القتلى من جراء انهيار عمارة لؤلوءة الخير في مكة المكرمة اكثر من 76 حاجاً لحد هذه اللحظة. وهذه ليست المرة الاولى التي تحصل فيها تلك الاحداث في مكة.

ان تبجح آل سعود في قنواتهم الاعلامية والابواق التي تنعق معهم بانهم يقدمون خدمات للحجاج في المشاعر المقدسة ما هو الا تضخيم لخدمات أساسية ناقصة ولاتتناسب مع العدد الهائل من الحجاج والمعتمرين. اضف الى ذلك أن توفير هذه الخدمات هو ليس نوع من المنة التي تمن بها سلطات آل سعود لان الحج يمثل موسم اقتصادي يدر موارد مالية كبيرة جداً على (السعودية) كما ويتم بيع وتصريف مواد تجارية متدنية كالالبسة وما شاكلها وباسعار بهيضة على الحجاج. ليس ذلك فقط بل انهم يبيعون الماء باعتباره ماء زمزم وحتى عيدان الاشجار على اعتبار انها (مساويك).

هناك مسألة مهمة يجب الانتباه اليها الا وهي اهمية التفريق بين الايمان وبين توفير الخدمات الى الحجاج, فكلاهما شيء مختلف.

{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (19) سورة التوبة

ان الخدمات التي تقدمها السلطات السعودية للحجاج هي دون المستوى المقبول بشكل كبير.

المطارات والمواصلات:

يعتبر مطار جدة هو المطار الوحيد الذي يستقبل معظم حجاج الدول الاخرى وهو مطار تقليدي صغير لايكفي لاستيعاب وتقديم الخدمات حتى الى ربع العدد القادم وغالباً ما يؤدي الى انحصار الحجاج في داخله عند المغادرة لايام او حتى اسابيع بسبب عدم تمكنه من استيعاب العدد الكافي من الطائرات. ويبقى الحجاج في المطار لعدة ايام يفترشون ارضيته وتنفذ نقودهم وهم يتوسلون بحكوماتهم للتدخل. ولايوجد في هذا المطار سلالم توصل بين الطائرات وصالة الاستقبال الوحيدة. حيث يعتمد نقل الحجاج بواسطة السيارات مما يؤخر من اجراءات الدخول والمغادرة. وبالنسبة للحجاج الذين يريدون تأجير سيارة من المطار يواجهون باسلوب من اصحاب التكسيات غير حضاري وليس له نظام.

والمسألة المهمة هي ان (جدة) ليست بميقات وكان الافضل اعتماد مطار (الطائف) بعد توسعته لانه يقع على مشارف ميقات (قرن المنازل) او (السيل الكبير) الذي يمكن توسعته ايضاً مما يوفر حلاً لمشكلة عدم الاحرام من ميقات من (جدة). علماً بان الطائف اقرب الى مكة وترتبط معها بطريق مشابه لطريق (جدة - مكة).

اما بالنسبة للمواصلات في موسم الحج فهي غير منضمة مما يؤدي الى اختناقات شديدة وتلوث في الجو ويتم اغلاق الكثير من الطرق بدلاً عن ايجاد السبل الكفيلة بحلها. وبسبب مشاكل المواصلات يقوم بعض اهالي مكة والمقيمين فيها باستغلال الحجاج الذين يرومون الوصول الى الحرم او اماكن اخرى فيفرضون عليهم اجور عالية تصل الى اكثر من خمسة اضعاف الاجرة العادية. ولاتتخذ السلطات السعودية اية تدابير سلامة لحماية الحجاج خلال استخدامهم وسائل النقل فترى الكثير من الحجاج يركبون فوق سيارات النقل المحملة باكثر من طاقاتها مما يؤدي الى حدوث حوادث مؤسفة. كما وانه رغم تكرر مواسم الحج فأن شوارع مكة تكاد تكون خالية تماماً من اماكن العبور المخصصة للمشاة علاوة على عدم وجود أرصفة جيدة حول الطرق للمشاة وقد تعرض الكثير من الحجاج الى حوادث الطرق وبشكل مستمر لايتم الاعلان عنه طبعاً. والارصفة متعبة جداً تضيق احياناً وتسدها العوائق او البنايات احياناً اخرى!

الخدمات العامة واماكن الراحة:

يحتاج الكثير من الحجاج وخاصة كبار السن الى اماكن للراحة كالمصطبات او المناطق المشجرة التي يمكن الجلوس فيها وهذه معدومة تماماً. والمطاعم الموجودة هي نوعين اما نوع ذو اسعار باهضة لايستطيع معضم الحجاج عليها او مطاعم عادية تكاد تخلو من ادنى شروط الصحة والنظافة التي هي من الايمان! وهناك افتقار كبير لدورات المياه.

اما دورات المياه في (عرفات) و (المزدلفة) و (منى) فهي حدث ولاحرج! حيث ان عددها لايكفي حتى الى اقل من ربع العدد. ويقف الحجاج على شكل طوابير طويلة منتضرين دورهم لقضاء الحاجة في دورات مياه تفتقر الى ادنى مستويات الصحة العامة والنضافة ومعضمها تم تركيبه من مواد معدنية كالحديد. هذا في الوقت الذي تطل به قصور آل سعود وضيوفهم على مرتفعات تلك المناطق المقدسة.

واذا ظل الحاج في ايٍِ من هذه المناطق خاصة في (عرفات) فقد كتب عليه التعب والنصب وقد لايجد جماعته الابشق الانفس. اذ غالباً ما تتوقف اتصالات الهاتف الجوال بسبب عدم كفاية الشبكة المزودة لاستيعاب العدد وبسبب عدم الاهتمام بتوسعة ذلك. واذا لم يتمكن الحاج من استخدام الهاتف فانه يعمد الى سؤال ممن يسمون (بالكشافة) او (الشرطة) وهؤلاء لايرشدون الحجاج بالشكل الصحيح خاصة اذا كان الحاج لايعرف مكان تواجد بعثته او لاتوجد عنده هوية مثبت بها العنوان بسبب فقدانها او نسيانها. اضف الى ذلك فأن عرفات لاتوجد فيها علامات واضحة لارشاد الحاج. اما موضفي وزارة الحج الموجودة قرب (مسجد نمرة) فيضعون فيها بعض الكشافة الذين لايقدمون المساعدة الجيدة اضافة الى انها بعيدة ولاتوجد علامات دالة عليها. اذ يفترض ان يجعلون مراكز استعلامات عديدة عند بداية ونهاية كل طريق في (منى وعرفة) و مزودة بالكومبيوترات التي تغذى بالمعلومات عن كل بعثة وتواجدها ليس بناءاً على سجلات وزارة الحج بل يتم ادخال البيانات عند وصول البعثة الى ذلك الطريق. ويجب ربط تلك الاستعلامات بشبكة واحدة يتم استخراج المعلومات من اي منها.

هناك تقصير كبير في العديد من المرافق الخدمية والسلامة لايتسع المجال لذكرها.

الاماكن المقدسة:

ان من اولى اولويات الخدمات التي يمكن تقديمها للحجاج هو الحفاظ على تأريخهم الاسلامي وعلى التراث الدال على ذلك وهذا ما تعتز به جميع الامم والشعوب. ولكن ماقام به (آل سعود والوهابية) من تهديم ودثر متعمد ادى الى اختفاء الكثير من التراث الاسلامي واندثار معالمه الواحدة تلو الاخرى. ولقد كان اخر ما دثر هو (بئر ماء زمزم) الذي اغلقه (السعوديون) بدعوى توسعة دائرة الطواف! ويعود تأريخ البئر الى (ابراهيم عليه السلام) بعد ان انبثق ماءه لاسماعيل وهو طفل رضيع مع امه هاجر التي جاهدت بين الصفا والمروة لتجد له ماءاً. فلقد صار من المستحيل على اي حاج ان يرى الموقع الفعلي للبئر ما عدا علامة مكتوبة على بلاطة فقط! ولقد كان هذا البئر والاسالة التي بجانبه يوفر مايشبه (محطة الاستراحة) وتجديد الوضوء والاغتسال من ماءه بعد الطواف وقبل السعي للحجاج والمعتمرين علاوة على رؤية البئر القديم والصلاة عنده. اما اليوم فقد وضعوا (حنفيات) الى جانب من الحرم بعد ان كان البئر يدخل اليه الى الاسفل مما يجعله بعيداً عن ارضية الحرم.

ومن الاماكن التي دمرها (الوهابيون و آل سعود) هو مكان ولادة الرسول (ص) حيث حولوه الى مكتبة ذات بناية قديمة محاطة باسلاك كهرباء عديدة تقع على بعد عدة امتار من (باب بني شيبة عند الحرم) بموازاة سوق الليل. علماً بان هذا المكان غير مناسب لعمل مكتبة وهم يشكون بكل واحد يدخل اليها ويراقبونه لكي لايذهب للوقوف عند مكان ولادة الرسول (ص)! اما (سوق الليل) فيضم اماكن مساكن بنو هاشم وشعب ابي طالب التي تم فيها الحصار وفيها بيت خديجة (ع) التي ولدت فيها فاطمة الزهراء (ع) وهذه كلها دثرت وامحي اثرها وبنوا فوقها سوق شعبي يقع بالقرب من البناية التي انهارت قبل ايام.

هناك الكثير من التراث والاماكن الاسلامية في مكة قد محيت او بدلت. وان اول مكان نزل به الوحي على الرسول (ص) الا وهو (غار حراء) فانه لولا قدرة الله على حمايته لانهار فلا توجد فيه اية عناية وقد عمد بعض (الوهابيون) الى استقدام نوع من (القردة) كثير التكاثر فوضعوها هناك مما جعلها تتكاثر وتشكل خطراً عليه اضافة الى تدنيس قدسية المكان. وقد قام البعض الاخر باستقدام الكثير من المعوقين من افغانستان دون (اقامة) فوضعوهم هناك كشبكات للاستجداء من زوار المكان وقام البعض منهم برمي الازبال على طول الطريق الشاق الصاعد اليه. وينطبق نفس الشيء على (غار ثور) الذي اختبأ فيه الرسول (ص) قبل ذهابه الى المدينة.

اما في المدينة فهناك جريمة تجري خيوطها الان وهي ان المساجد (السبعة) في موقع معركة الخندق مهددة بالزوال بعد بناء (الوهابيون) مسجد جديد في مواقع هذه المساجد التأريخية المهملة تماماً. ومنها مسجد الامام علي (ع) الذي بقي هو الوحيد ومسجد فاطمة مغلقين لفترة طويلة. وقد اندثرت معالم اثرية كثيرة منها اثار معركة (احد) ومواقعها وغار جبل (احد) الذي وضعوا فيه (روث) الحيوانات! اما بستان (سلمان الفارسي) وفيه نوع من النخيل قديم وطويل جداً فقد تم تهديمه وقتل نخيله. وتم تجريف (مسجد الشمس) الذي صلى به الامام علي (ع). وهناك الكثير من المواقع الاثرية جرفت واندثرت اضافة الى تدمير قبور بقيع الغردق وقلع اشجاره.

ان عدم احترام التراث الاثري الاسلامي هو اعتداء كبير على تأريخ هذا الدين الذي لايخص فئة دون اخرى علاوة على ان الاثار الاسلامية هي تراث عالمي يجب رعايته من قبل الهيئات الدولية المختصة باعتباره تراث يخص البشرية.

ان مكة والمدينة وجميع مايتعلق بالاسلام هو ليس ملك لاحد بل يجب ان تكون تحت ادارة اسلامية مشتركة من كافة الدول الاسلامية وتشترك برعايتها وادارة الخدمات واقامة الصلاة فيها من قبل كافة المذاهب السنية والشيعية. كما ويجب ان لايتم تهديم او اهمال او تجريف شيء منها بل العكس من ذلك مع اشراك كافة المذاهب والدول بالحفاظ على هذا التراث!

واخيراً على المسلمين ان يبادروا بسرعة بحماية (المساجد السبعة) عند موقعة الخندق قبل ان يتم تجريفها لان المسجد الذي انشأوه في الموقع قرب على الانتهاء! فهل من مغيث لهذه المواقع الاثرية المهمة؟!

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter