بسم الله الرحمن الرحيم

مَنْ الذي دق طبول الانفصال في العراق؟


من المعلوم بأن العراق هو بلد فريد من نوعه في المنطقة (الاعرابية) فهو علاوة على كونه مولد الحضارات الانسانية التي احتضنها جنوبه فأنه يضم أعراقاً عديدة من المذاهب والاديان والقوميات والثقافات. ولو أن هذا الخليط المتنوع تعايش بشكل حضاري فأن ذلك سيجعل العراق حقاً بلداً فريداً من نوعه في منطقة الشرق (الاخرق). ولكن يبدو ان الرياح تسير بما لاتشتهي السفن. فقد دقت خلال الايام التي تلت الانتخابات الاخيرة طبول الانفصال على اسس مذهبية وعرقية بشكل واضح. وتعالت اصواتها اليوم في مظاهرات دق اسفينها سياسيون أغبياء لا يفكرون الا بمصالحهم الشخصية مستغلين عواطف الجماهير المذهبية او الطائفية الضيقة. وللاسف الشديد فأن هناك الكثير من الناس من الذين (ينعقون مع كل ناعق) تلك الصفة التي أشار اليها (المقبور أحصين كامل) في الاردن قبل ان يقتله (المقبور عدي) عندما ضحك على العراقين وقال (انهم صفقوا لصدام عندما دفعهم للحرب مع ايران وصفقوا له عندما زجهم في غزو الكويت ثم صفقوا له عندما اذلهم بالحصار ولو اراد ان يدفعهم ثانية للكويت لصفقوا له)! اننا لا ننتقص من الشعب العراقي بذلك ولكن نورد حقائق سجلها التاريخ المرئي.

عندما خرج الشعب وادلى بصوته بكل حرية وبشكل حضاري ومنظم كان من المفروض احترام ارادته ومن يشكك بنتائج الانتخابات يجب عليه ان يتقدم بدعوى حسب القانون وان لايستخدم الطائفية والعنصرية والمذهبية كادوات يدفع بها الشعب الى طريق خطر يؤدي الى الانفصال الى دويلات. أن تاريخ العراق الحديث لم يعرف الديمقراطية خاصة خلال سنوات القمع الماضية التي سيطرت بها عصابة قمعت غالبية الشعب العراقي باسم الحزب الواحد الذي سيس نفسه ليكون بوق للتطبيل باسم الدكتاتور الاوحد.

أن الامر لو استمر على ما هو عليه بالتهديد والقتل والرفض وزج الشعب بشكل مسيس على اساس طائفي ومذهبي فأن العراق سيكون ثلاثة دول على الاقل. اي دولة شيعية في اغلبية المحافضات في الجنوب ودولة كردية وكلاهما غني بالنفط والثروات ودولة سنية في غرب وسط العراق تفتقر الى الموارد خاصة النفطية وليس لها منفذ بحري و لا بري جيد. وسوف لن يتوقف الامر عند هذا بل سيؤدي ذلك الى المطالبة بانفصالات في دول الجوار. فهذا سيدعو الشيعة في (السعودية) الى المطالبة بالحكم الذاتي او الاستقلال خاصة انهم يعيشون على منطقة من اغنى مناطق النفط لم توفر لهم مستويات عيش مشابهة لما يتمتع به اهل نجد والحجاز الذين لايمتلكون نفس الحجم النفطي. كما وان هناك اغلبية شيعية في (البحرين) تريد تحقيق استحقاقات سياسية حرمت منها على مر العصور. ولايخفى وجود الاكراد في سوريا وتركيا وايران التي قد يطالب بها العرب بتشكيل دولتهم في منطقة غنية بالنفط. وبعيداً عن المحيط هناك الاقباط في مصر الذين اذا انفصلوا فان ذلك يفتح باباً لمطالبة الشيعة المضطهدون في مصر واليمن بالانفصال وهلم جرى.

وعليه فان تقسيم العراق هو ليس من صالح الاطراف كافة ولاهو من صالح الاحزاب الرافضة للانتخابات والتي تسعى الى الحصول على مواقع اكبر في السلطة بالعزف على الاوتار الخطيرة التي تقود الى كوارث ستكون هي اول من يجني ثمارها المرة.

ان الوضع (المريض) في العراق بحاجة الى توحد وبحاجة الى تنازلات من قبل كل الاطراف التي يجب ان تحترم ارادة الشعب وليس الى زجه في متاهات قد نال منها القسط الاوفر.

وليعلم الجميع بان الاحتلال لاينتهي اذا كان العراقيون متفرقين وان قاعدة (فرق تسد) لاتزال قائمة ولم تتوقف يوماً ما.

أن الخيار متروك للاحزاب العراقية مابين التناطح لكسب السلطة مما يجعلهم اضحوكة للعالم ومابين التوحد وتقديم التنازلات واحترام ارادة الشعب والتحاكم للقانون و بشكل حضاري وكلها تؤدي الى ايجابيات عديدة اولها كسبهم لاحترام العالم والتعجيل بخروج الاحتلال. نتمنى الوحدة والخير للعراق بكافة اطيافه الجميلة كما نتمنى أن تنال جميع الشعوب العربية حريتها المفقودة وأن يتوقف اضطهاد الشيعة في مصر والسعودية والبحرين ويتوقف اضطهاد المسيحيين وغيرهم من الاديان كما ويتوقف اضطهاد الاكراد في سوريا وان يمنح العرب في ايران حقوقهم غير منقوصة.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter