بسم الله الرحمن الرحيم

الانتخابات المقبلة: من الذي سيفوز؟


تفصل العراقيين عن انتخاب اول حكومة تدوم لمدة اربعة سنوات اقل من ثلاثة اسابيع وهو وقت قصير جداً خاصة اذا ما قورن بالاحوال القاسية التي يعيشها ألشعب العراقي. ورغم ذلك فأن الاحزاب والجماعات العراقية الكثيرة جداً لم تعلن تفاصيل برامجها خاصة فيما يتعلق بكيفية تنفيذ هذه البرامج!

وان اللافت للنضر هو لجوء الفصائل المختلفة الى كيل التهم الصحيحة وغير الصحيحة للقوائم او الشخصيات المنافسة. ومن ابرز هذه التهم هو استغلال (قضية التعذيب) التي وضعت كتلة (عبد العزيز الحكيم) في حالة دفاع ولو لفترة محددة رغم ان هذه المسألة امر ذو حدين. فقد افادت هذه القضية بشكل او باخر تلك القائمة وذلك لعدم وجود دليل يثبت التضخيم الذي قام به مناؤيها. فقد استخدم (اياد علاوي) هذه القضية بتصريحه ان التعذيب في هذا الوقت هو اسوأ من عهد (صدام) وهذ تضخيم له اثر عكسي على (علاوي وقائمته) لانه غير واقعي. ام قائمة (الحكيم) فقد لجأت الى دغدغت مشاعر معينة لدى الناخب العادي دون ان تخاطب الناخب المثقف. وعلى هذا الاساس فقد بدت وكأنها لاتملك المرونة اللازمة التي تجعلها تخرج من نطاق واحد فقط. كما وان استخدام القيم الدينية وتوضيف المذهب للانتخابات قد يجذب البعض اليه ولكنه يبعد عنه الطرف الاخر وهذا فشل كبير لم تتمكن تلك القائمة من تفاديه. فهي كان الافضل لها ان تخاطب جميع العراقيين دون تحديد نفسها بفئة واحدة. ولم تنجو باقي القوائم الكثيرة جداً من الانتقاد والتهم واستغلال اسم المرجعية وغيرها من مسميات.

انه من الخطأ الكبير زج المرجعية الدينية في النجف في السياسة وعلى المدى البعيد فان هذا سوف يضر بمكانة هذه المرجعية التي عرفت ذلك فنأت بنفسها ولكن الاخرين ارادوا زجها فيه من اجل الاصوات.

ولقد اعتمدت بعض القوائم على الطائفية ورددت اسماء سنية او شيعية او مسيحية وهذا هو تكريس للطائفية. والاخطر من ذلك هو تركيز بعض القوائم على شخوص رؤسائها. ولقد فشلت معضم هذه القوائم بتجنب الشعارات التي يكرهها شعب خارج من الظلم والدكتاتورية المطلقة وذلك باستخدامها اوصاف تذكر المواطن بما كان الدكتاتور يصف شخصه به مثل (الرجل الرجل) والتي كان يراها المواطن عند مداخل المعسكرات السيئة الصيت مثل (معسكر كركوك) وغيره. فقد ذكرت بعض القوائم الناخب بوصف رجل المرحلة والمستقبل او الرجل المثالي وما الى ذلك.

ولم تبخل الفضائيات العراقية في دعم من تراه مناسباً واتهام غيره وللاسف فان هذه الفضائيات (الخديجة) اعتمدت اساس طائفي ايضاً وهذا شيء غير جيد خاصة لاعلام لايزال يحبو ويكبو.

ان الديمقراطية شيء جميل ويولد القوة للبلد ولكن يبدو ان ديمقراطية العراق قد ولدت اكبر من الحجوم المعتادة وقد فاقت بمساحتها كافة الديمقراطيات الحالية وان كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده. ان دخول اكثر من 250 حزب ومجموعة في الانتخابات لايتناسب وحجم العراق الجغرافي او السياسي خاصة وان اكثر هذه الاحزاب ليس لديها برامج على الاطلاق ما عدا التنافس على السلطة التي اسيء استغلالها على مدى العصور المظلمة السابقة بما فيها عصر ما بعد هروب الطاغية من موقعه الذي يحتم عليه الدفاع عن العراق حتى الموت. فبعد ان اهلك الطاغية الحرث والنسل ودمر البلاد وعطل الاقتصاد واشاع الفساد جاءت سلطة الاحتلال ثم الحكومتين المؤقتتين للاجهاز على البقية الباقية من الحطام الذي تركه النظام القمعي.

ان جميع الاحزاب تتحدث ولو بصوت خافت لايكاد يسمع عن الامن ولكن لم يعطي اي حزب برنامج واضح حول كيف سيتم تحسين الامن والقضاء على الارهاب؟ وهناك من يتحدث عن تحسين الاوضاع ولكن دون ادنى تفسير او معرفة عن كيفية تحسين الاقتصاد المنهار او الواقع الصحي الهزيل او النظام التربوي والتعليمي الذي كان منارة يوما ما في الشرق الاوسط فاصبح متخلفاً حتى اذا ما قورن بادنى المستويات الاقليمية. ناهيك عن قطاعات البيئة والكهرباء والماء والقضايا القانونية والخدمات المتخلفة التي لاتصلح حتى للقرون الوسطى. اضف الى ذلك بان كافة الاحزاب ليست لديها رؤية واضحة عن العلاقات الخارجية وما يتعلق بالنفط كمورد رئيسي للبلاد.

ان على العراقيين ان يصوتوا الى من يرونه مناسباً لقيادة البلاد نحو التطور الاقتصادي والتربوي والعلمي والصحي والامني والذي يحقق نقلة نوعية كبيرة في علاقات العراق مع كافة الدول دون استثناء ما عدا الداعمة للارهاب والارهابيين. وعلى الناخب العراقي ان يبحث في تفاصيل برامج هذه الاحزاب بما يحقق له الرخاء ومكافحة البطالة واعمار البلاد واستغلال الثروة النفطية والمائية والزراعية والسياحية والعلمية والعقول المتشرة في اصقاع الارض لبناء بلد مزدهر وحر وديمقراطي. وعلى العراقيين الابتعاد عن التصويت من اجل طائفة او مجموعة بناءا على الطائفية او العرقية او ماشابه ذلك. كما وانهم يجب ان لايصوتوا للاحزاب الداعمة للارهاب او التي تحابيه باي شكل من الاشكال.

ان الذي يريد ان يبني العراق هو الذي يبني اساس اقتصادي وعلمي وليس الذي يريد توزيع الثروة المنهكة اساساً دون حسابات مستقبلية صحيحة. ان بعض الجماعات التي تطرح نفسها على انها وطنية لاتمتلك النضوج الذ يؤهلها لقيادة البلاد. ان سبب اغراق العراق بالمشاكل اللامتناهية في العصور المظلمة السابقة يعود الى عدم نضوج الحكام وتسلطهم ليس على البلاد فقط بل على الاحزاب التي ينتمون اليها بحيث اصبح الحزب لايمثل الاجزء بسيط من (قيافة) الدكتاتور وبوق يلهج بحمده ليل نهار. ان صعود مجموعات غير ناضجة سيدفع ثمنه الشعب المنهك ثمناً باهضا.

ان الدين الاسلامي هو دين بناء والعمل فيه عبادة وهو دين علم وتقدم وتطور وقد اشتمل القران الكريم على الكثير من المعاني المباشرة للحث على ذلك. وهو ليس دين تخلف او يدفع الناس الى اهلاك انفسهم وغيرهم وما جاء الا لتحقيق اكبر قدر من الكرامة للبشر ولنشر افضل الاخلاق وهو دين يحترم الحريات التي لاتمس بالاخرين. انه لايكره الناس على الانتماء اليه لأن الفصل في ذلك يعود الى الله. فكم من شخص غير مسلم ولكنه يعمل باخلاق الاسلام وكم من مسلم بالانتماء لايمت عمله للاسلام باي صلة. وعليه فان تزكية النفوس تعود لله وان الذين يستخدمون الدين من اجل الوصول الى السلطة دون ان يكون لهم برنامج بناء وعمل وعلم وامن واقتصاد وتربية وتطور والقضاء على البطالة والفقر والجهل وغير ذلك لايمكن ان يتقدم بهم البلاد وهم ليس من الدين بشيء الا الاسم. ان الدين هو ليس الصلاة والصيام والقاء الخطب الرنانة او اللحى الطويلة والعمائم المختلفة الالوان والحجوم والاشكال ولا هو لبس البراقع السوداء ان لم يكن ذلك مقروناً بالحب للغير والعمل المثمر والاخلاق الفاضلة والصدق و الاخلاص وتجنب النفاق والرياء وفوق كل ذلك احترام الرأي الاخر مهما كان مخالفاً. كما وان الدين هو ليس دس المساويك في الفم ولا (الدشاديش) القصيرة ولا اللحى الكثة ولاتكفير الناس وقتلهم او الافتاء بغير علم ولاهدىً ولاكتاب مبين. ومن ناحية اخرى فأن العلمانية يجب ان لا تهمش دور الدين أوالمذهب أواقصاء المراجع الدينية المعتدلة من السنة او الشيعة او المسيحية وغيرهم.

اننا نعتقد بان الانتخابات القادمة سوف لن تكون لصالح قائمة او فئة دون اخرى بل ستكون النتائج متقاربة وهذا ان حصل انما يدل على نضوج الناخب العراقي بعدم دعم من لايطرح برنامجاً لتطوير البلاد بشكل علمي مدروس.

ان وسائل الاعلام كذلك مدعوة الى تحقيق الحيادية وعليها ان تدعو الممثلين الرئيسين للقوائم الرئيسية للظهور امام الناس وذلك باجراء مناضرات بينهم يوضحون بها طبيعة برامجهم تجاه مختلف القضايا لكي يعرف الناخب ذلك بوضوح.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter