بسم الله الرحمن الرحيم

الوضع العراقي: خطرٌ بين احتلالين


ادت سياسات نظام صدام الهمجية على مدى العقود الثلاثة الماضية من أضعاف العراق وتحويله من قوة نفطية واقليمية مؤثرة الى فريسة ضعيفة تتنافس عليها الدول والمجموعات الارهابية المختلفة. فبعد بناء الجيش والقوى الامنية على اساس حماية الدكتاتور وربط ولاءاتها بشخصه الوحيد تهاوت تلك القوى بمجرد هروبه وسقوطه مما عَرًّضَ العراق وشعبه لابشع جريمة بعد جرائم حصار مجلس (اللاأمن) وهجمات كلنتون وغدر الاعراب

لقد اوقع صدام العراق تحت عدة احتلالات وخلفهُ مفتوحاً لدخول من هب ودب من جرذان المخابرات المختلفة. وان اسوء احتلالين اوصلتهما سياسات صدام الخاطئة هما الاحتلال الامريكي والاحتلال الوهابي

ان الاحتلال الامريكي احتلال واضح اعترف بنفسه واقر بذلك امام مجلس الامن وهناك من يقول بانه ساعد على اسقاط نظام صدام فهو ليس بدون ايجابيات وللعراق ان يطالب بخروج قواته عندما تنتفي الحاجة لها عاجلا باذن الله. اما الاحتلال الوهابي الارهابي الاعرابي والاعجمي فانه اخطر من الاحتلال الاول وقد اظهرت الاشهر الماضية مخططاته الهمجية المتخلفة التي تريد ان تحول العراق الى قرية قندهارية متخلفة

أن تهديم الموروث من الاضرحة والمقامات التأريخية خاصة تلك التي تعود لأهل بيت النبي عليهم السلام تعيد الى الاذهان الجرائم التي قامت بها الوهابية السعودية في بداية القرن العشرين من تهديم الاماكن التاريخية المهمة كالاضرحة والقباب والمساجد والبيوت في البقيع و المدينة ومكة وغيرها من اراضي نجد والحجاز. ويذكرنا بغاراتهم على النجف وكربلاء والتي كانت تتم تحت مرأى من عيون الجيش البريطاني المستعمر الذي جاء بهم مع حليفهم عبد العزيز آل سعود. ان التخلف الوهابي الذي تم تصديره الى سوريا والاردن والخليج ومصر والمغرب العربي والدول الاسيوية تتم الان محاولات مدفوعة الثمن بتصديره الى العراق وبشكله المتخلف الارهابي المدعوم من قبل هيئات طائفية معروفة ومزامير شيطانية طائفية مطبلة من امثال الجزيرة والشرقية والباقي من جوقة الاعراب والعجم

أن المخطط الوهابي البغيض يستغل وجود الاحتلال الامريكي في العراق لتمرير احتلاله الفكري ومد جذوره في المجتمع العراقي الذي يرفضه ولكنه يستغل ضعاف النفوس والمراهقيين والوضع المادي المتردي وتفشي البطالة لتمرير مايريد تحت مسمى الجهاد والجهاد منه براء

ان الذي حصل مؤخراً في المدائن انما هو جزء من مخطط معد سلفاً سوف تكشفه الايام القادمة هدفه شعل فتيل فتنة طائفية واقتتال يسهل على الوهابيين تنفيذ مخطط خطير يتمثل بتهديم عرى التماسك الاجتماعي العراقي مما يسهل مهمتهم في التغلغل وبث السموم الوهبية البغيضة. ومن الجدير بالذكر هو ان الذي افشل المخطط الوهابي في المدئن هم اهل المدائن انفسهم والذين احتجوا على تحركات الارهابيين وجرائمهم الشنيعة قبل بضعة اسابيع وامام ساحة الفردوس في بغداد الا ان حكومة اياد علاوي ووزاراته الغارقة بالفساد الاداري والفشل المهني اعطتهم الاذن الصماء ولم تستمع لهم. وهي لو استمعت لهم واتخذت الاجراءات اللازمة لكانت قد منعت حدوث ما حدث ولعل هذا هو السبب الذي جعل وزير داخلية علاوي ينفي وجود رهائن علماَ بان قسم من الرهائن قد وجد مقتولا ومرمياََ في نهر دجلة في نفس وقت تصريح هذا الوزير. وليس من قبيل الصدف ان ينسجم هذا التصريح الذي نقضته التصريحات والحقائق الميدانية مع تصريحات هيئة علماء السنة الطائفية

ولابد من الاشارة هنا الى ان المخطط الوهابي يهدف لاحداث فوضى من خلال تفجير المراقد الاسلامية الشيعية الرئيسية في بغداد والنجف وكربلاء واغتيال الرموز الشيعية المهمة فيها ناهيك عن التفجيرات التي تم خلالها تهديم بعض الاضرحة والمراقد ودور العبادة كالمرقد التاريخي للسيد احمد بن ابراهيم بن الامام موسى الكاظم (عليه السلام) في ابي صيدا في ديالى وغيره من المراقد التاريخية

ان واحدة من اهم اسباب استمرار الاحتلالين الوهابي البغيض والامريكي الثقيل هو فشل الحكومة الحالية من الحفاظ على الامن واستشراء الفساد بنسب خيالية في وزاراتها النسائية والرجالية. ومن اهم اسباب تدهور الامن هو عدم وجود عقوبات رادعة تتناسب وحجم الجرائم المرتكبة. فالردع هو قانون الهي كان او وضعي يطبق في كافة الدول وعند كافة الشعوب وفي جميع الازمنة وبدونه لايرتدع المجرمون ويستشري الفساد بكافة اشكاله

وهنا يجب الاشارة الى ان فشل ابراهيم الجعفري من تكوين حكومته لحد الان هو سبب مهم للتدهور الامني وتفشي الفساد في العراق

ان امام الحكومة القادمة مسؤوليات صعبة اقلها الامن و تطهير اجهزة الدولة والوزارات من الفساد الرهيب الذي يسري فيها كالسرطان. ولايقل عن ذلك وضع اسس للتعامل السيادي مع قوات الاحتلال بوضعها تحت سلطة الحكومة و ليس العكس. كما و يجب ان يعاقب المجرمون ويقدم من يستحق الاعدام منهم الى مصيره المحتوم. فالذي يذبح الابرياء يجب ان يذبح امام اعين الناس. ولو طبق ذلك مرة او مرتين فاننا سنرى تحسن الوضع الامني بشكل كبير و في اليوم الذي يلي تنفيذ الحكم. ناهيك عن تقديم صدام ورموز حكمه من المجرمين لينالوا العقاب العادل الذي يستحقونه
فهل يتخوف الجعفري من هذه الامور مما يجعله متردداَ من تشكيل حكومته ام انه لم يجد من يعمل معه بسبب الوضع الفاسد الذي يمر به العراق علاوة على فساد الوزارات الحالية؟ ان هذا ما ستوضحه الايام القادمة

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter