محمد الهاشمي: يريدنا ان نصدقه بان برنامجه جامعة مفتوحة!
أن البرنامج الذي يقدمه محمد الهاشمي التونسي الاصل الذي يقيم في لندن عن سيرة الخلفاء ويعرض في قناة المستقلة ويستضيف فيه بعض شيوخ السلفية الوهابية لايخدم الوحدة الاسلامية خاصة في هذه الضروف.
لقد لاحظ الكثير من الناس بان ضيفي البرنامج على مدى الحلقات السابقة يكيلون بمكيال التجريح واللوم على كل من خالفهما او ذكر شيء لايتماشى مع افكارهما وان كان ذلك الشيء من صلب التأريخ.
لقد ذكر هذان الضيفان ومقدم البرنامج بعض من روايات التأريخ التي تتحدث عن أن الصحابة ومنهم الخلفاء الراشدون كانوا يتقبلون النقد والرأي الاخر حتى وأن صدر عن عامة الناس وهذا شيء جيد. ولكن الغريب في الامر ان هؤلاء يناقضون انفسهم ولايتقبلون اي نقد لسيرة الخلفاء وكأن ما قاموا به لايقبل الا القسمة على الرقم واحد مما يجعل الرقم ثابتاً فالعشرة المقسومة على واحد هي عشرة. اذن لاداعي للنقاش اذا كانت النتيجة محسومة. وعليه فكان الاجدر بمحمد الهاشمي ان يغير اسم برنامجه ليسميه (الايجابيات من سيرة الخلفاء فقط) وليس (سيرة الخلفاء). فالسيرة شاملة لكل شيء.
أن المتتبع بشكل دقيق لما يتكلم به ضيفي هذا البرنامج يجد انهم لايحترمون الرأي الذي يخالفهم وانهم يبطنون تكفير الشيعة وقد انتقدوا ضمنا عدة مرات مباديء المذهب الاسلامي المتشيع لاهل بيت النبي (ص).
أن محمد الهاشمي كرر عدة مرات عندما يتصل مسلم من شيعة اهل بيت النبي (ص) قوله بان هناك مليار من البشر (ويقصد السنة) من الذين يحبون عمر بن الخطاب فيجب ان نتعاطف معهم ولانعكر صفو ابتهاجهم بالبرنامج بذكر اشياء من التأريخ تسيء للخليفة ولكن لم يتفوه الهاشمي بشيء عندما قال احد السلفيين بأن ابوطالب مات كافراً او انكر حديث مدينة العلم في علي وهو يعلم بان هناك ربع مليار مسلم شيعي قد جرحوا بقول هذا الوهابي التكفيري. ولقد لاحظ الكثير من المتتبعين للبرنامج بان الهاشمي يعطي وقتاً كاملا لمتصلين ينهالون تجريحا بالشيعة بشكل مباشر او غير مباشر بينما يستوقف المسلمين الشيعة او يعطي المجال لاحد ضيفيه السلفيين او كلاهما لمقاطعة المتصل وهذا ليس من ادب الاستماع. فالمتصل يكون متواجدا على الخط لفترة انتظار طويلة ولديه مايريد قوله الا اننا لاحظنا انه ما ان يصل المتصل الى نقطة يتخوف منها ضيفي الهاشمي حتى يتصدى احدهما او كلاهما دون الالتفات الى ادب الحوار. وبما ان المتصل يمكن قطع صوته من قبل (الكونترول) او المخرج فان ايصال فكرته او سؤاله يعتمد على من الذي يكون على الكونترول او (بفيتو) من الهاشمي. والنتتبع يمكن له ان يلاحظ منذ الكلمات الاولى للمتصل اذا ما ابدى هذين السلفيين ام لا لمداخلته. ولقد انتبه بعض المتصلين لذلك فاستخدموا اسلوب معين يجعل هذين الوهابيين يخدعان بأن المتصل يتماشى معهم وما ان يدخل المتصل بما يريد ذكره من حقائق تأريخية لاتتماشى مع توجهاتهم الا ويتغير سلوكهم ويبدءان الهجوم عليه.
أن الاسلوب الذي يدار به برنامج محمد الهاشمي وطبيعة ضيوفه من السلفيين المتزمتين الذين لايسمعون الا ما يدور في رؤوسهم يدل على ان البرنامج يهدف الى ترجيح الرأي الوهابي القائم على التكفير والدكتاتورية والتبعية العمياء لما سلف. أن هذا يجعلنا نستنتج بأن هذه البرامج والقناة مدفوعة الثمن من نفس الجهات المذكورة.
ان محمد الهاشمي اذا كان يريد الوحدة الاسلامية كان الاجدر به ان يستضيف مشاركين من جميع المذاهب الاسلامية. و اذا كان كما يردد ان تكون قناته جامعة مفتوحة فيجب ان تكون مفتوحة لمشاركة الجميع والبحث الجامعي لايتناول الموضوع من جانب واحد بل من كافة الجوانب.
ان اسلوب المديح والاطراء على الشخوص مهما كانت لم يعد مقبولا ولا اكاديميا ونحن نعيش في عصر اصبح فيه الحصول على المعلومات متيسرا دون الحاجة الى كتاب. ان مقولة اذا كانت هذه الفكرة لاتتماشى مع الكثير من الناس فيجب تركها لانها تعكر صفو مشاعرهم (كما كرر ذلك الهاشمي عدة مرات) امر خطير وغير مقبول حتى حسب الدين نفسه وهناك امثلة على ذلك كثيرة لانستطيع ايرادها هنا.
ان اسلوب طرح الهاشمي اسلوب لايرقى ان يكون درساً لطلاب مدرسة ابتدائية فكيف يريد ان نصدقه بان قناته اصبحت جامعة مفتوحة الا اللهم انه يقصد جامعة سلفية.
اننا اذا اردنا ان نبني انفسنا بشكل صحيح قائم على ما منحنا الله من حرية يجب ان نتحرر من تقديس الشخوص ونفصل ما بين الاسس الدينية الالهية وما بين الشخصيات البشرية التي تخطأ وتصيب. فنناقش بعقول مفتوحة وننقد ما قامت به هذه الشخوص التأريخية سواء ما يحسب لها او عليها لكي نستفيد منها على اكمل وجه. فوق هذا وذاك فان التأريخ دونته ايدي السلطة وغير السلطة ويجب ان يتم نقده. فكيف يدعو الهاشمي الي محاولة اعادة كتابة التأريخ بالنظر من زاوية محاسن الشخوص وتلميعها واهمال الاجزاء الاخرى.
أننا ندعو الى تعرية هؤلاء الذين يحاولون دس الفرقة في صفوف المسلمين وتكفير غيرهم والرد عليهم عبر الانترنيت ان لم يسمح الهاشمي بذلك.
ان الدين الاسلامي لايدعو لتقديس الاشخاص وان التعريف الذي ينطوي على ان كل من عاش في زمن الرسول (ص) فهو من الصحابة الذين يجب ان يقدسوا ويتبعوا ولايمكن نقدهم بشيء ليس من الدين وقد نفاه القران في عدة مواقع. وهناك من جاء لرسول الله واسلم وشهد ولكنه منافق فهل هذا صحابي يقتدى به؟ اننا لانعني هنا احد ولكن على سبيل المثال بان النقد يجب ان يكون شاملا لتعم الفائدة ولكي لايضن باننا لانقبل بذلك خوفا من اشياء ان تبدو لنا تسيء الى ذلك الصحابي او غيره.
{إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (1) سورة المنافقون
{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ} (64) سورة التوبة
{لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} (60) سورة الأحزاب
{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (17) سورة الحجرات
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (14) سورة الحجرات
ان ابو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ممن سيناقشهم برنامج الهاشمي يجب ان تناقش سيرتهم من كافة الجوانب. فكما ان هناك اناس يريدون الاستمتاع بالسيرة الحسنة فقط فان هناك مثقفين ودارسين وقارئين للتأريخ يمرون على امور تتعلق بهؤلاء الصحابة ويريدون ان يعرفوا حقيقتها وهل كل ما قيل فيهم صحيحا ام لا وان كان لا فلماذا؟ هكذا يجب ان يكون طرح محمد الهاشمي والا فان برنامجه لايعدو كونه درس وعض لايخلو منه كل جامع او برنامج عادي من برامج شيوخ السلفية او غيرهم من الذين يريدون من الناس الاستماع لهم وتصديق كل شيء من دون تفكير وكأن عقولهم الغيت وليس لها حق السؤال او الاستفسار او النقد او حتى التفكير. وكأن قول الله عز وجل الذي تكرر في القران بشكل كبير (اولو الالباب) لم يعد ينفع.
{يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} (269) سورة البقرة
{قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (100) سورة المائدة
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (111) سورة يوسف
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (18) سورة الزمر (اي يستمعون كل القول وليس جزء منه فيتبعون احسنه)
ان عصر انتقال الخبر او المعلومة الذي يحتاج الى اشهر قد تغير واصبح المسلم اليوم وحتى غير المسلم يمكن له ان يحصل على اي شيء في الاديان والمذاهب خلال دقائق وهو جالس في بيته دون عناء الذهاب الى مكتبة او حلقة دراسية او جامع. وعليه فان تحجيم العقول والخوف من ذكر الحقائق هو اخطر من الخوض بها وذكرها.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} (104) سورة المائدة
{قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} (78) سورة يونس
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (21) سورة لقمان
الخلاصة ان القران ينهانا عن القول من اننا وجدنا هذا التأريخ لاباءنا واجدادنا فعلينا اتباعهم دون تفكير او نقد. ان النقد لو كان جارحاً لما قبله ابو بكر وعمر وعلي وعثمان ومن قبلهم قبله الرسول (ص) واهل بيته. ان الشيعة والسنة يجب ان يتقبلوا النقد لكافة الشخوص دون استثناء ويجب ان لايكون النقد جارحا او ان يكون هدفه الانتقاص فحسب وهذا ما يجب ان يذكره الهاشمي.
<< Home