بسم الله الرحمن الرحيم

العقاب الرادع


لايخفى على المتتبع للوضع العراقي بان العمليات الارهابية والجرائم المقصودة قد ارتفعت بشكل كبير لايدل على خلل خطير في الوضع الامني فحسب بل ويثير الكثير من الشكوك ومنها من الذي يحكم العراق؟

ان الاجابة عن هذا السؤال لايمكن ان تتم ببساطة وذلك لتعقيدات الوضع الذي خلفه النظام الدكتاتوري حينما ادت سياساته المتهورة والتعسفية الى الوضع العراقي الحالي. أن من اهم اسباب التدهور الامني الحالي هو عدم وجود سلطة حكومة وطنية قوية ذات قرار مستقل تماما عن القوات المتعددة الجنسيات وخاصة الامريكية. مع وجود تخبط كبير في كافة دوائر الدولة وخاصة منها القضائية والامنية. ومن اخطر اسباب هذا التخبط هو وجود عناصر مندسة في تلك الدوائر لخدمة جهات خارجية وارهابية سواء في الداخل او الخارج

ان المعلومات المتوفرة والتي لايظهر منها الا الجزء الطافي من سطح الجليد تؤكد وجود عناصر مندسة وفساد اداري وشراء ذمم بواسطة الاموال من اعلى مستوى الى ادناه في كافة دوائر الدولة الحالية العراقية

ان أن من السذاجة او النفاق وعدم الخبرة ان يسمي البعض عمليات الاختطاف والتدمير التي تتم في العراق بعمليات مقاومة ناهيك عن طبيعتها التي تنافي اصول المقاومة وتشترك مع الجرائم الكبرى بعناصر عديدة. ان هذه الجرائم تتم باسم الدين غالبا والذين ينفذونها مجموعات تتقاضى اجور على كل عملية قتل وباثمان بخسة مما يجعل العديد من المجرمين ومدمني السوء بكافة انواعه من تشكيل عصابات كلما قتلت عددا اكبر من الناس تقاضت اجرا على ذلك من جهات تمولها عناصر خارجية متعددة المناهج والاهداف وعلى راسها المناهج السلفية التكفيرية المعروفة المنشأ

ان البطالة وتدهور الاقتصاد لهما اثر كبير في دفع الشباب المتسكع او الذي سقط في حبائل الفساد والرذيلة من ان يقع بشكل سهل في مصائد الارهاب من اجل الحصول على الاموال التي توفر له استمرار الشذوذ المتعدد الالوان الذي يمارسه

وهناك عامل قد يكون من الاهمية بحيث يمكننا ان نضعه في رأس القائمة او اهمها على الاطلاق وهو عدم وجود عقاب رادع يتم تطبيقه بشكل علني مما يدفع الكثير على الاقل الى عدم التردد بارتكاب الجرائم

ان العقاب الرادع موجود في كافة القوانين الوضعية والسماوية بلا استثناء على الاطلاق. وهو حق اجتماعي تتخذه الشعوب المتحضرة لردع الجريمة واشاعة الامن. كما وانه ورد في كافة القوانين الالهية

ان ما يجري في العراق اليوم هو حالة معكوسة تماما للردع! فان الناس اصبحت تخاف الردع القادم من المجموعات الارهابية بسبب التخويف والتهديد وعمليات التصفية والقتل. وبما انه لايوجد عقاب صارم وعلني وشديد يوازي الحالة التي يمر بها العراق بحق المجرمين من قبل سلطة القانون او الدولة فان من السذاجة ان نتصور بان الزمن كفيل بالقضاء على عناصر الارهاب والاجرام

لقد صدرت احكام بحق مجرمين ادانتهم المحكمة العراقية مؤخرا وللاسف الشديد فان هذه الاحكام ضعيفة ولاترقى حتى الى نوع الجرم الذي ارتكبه هؤلاء كالسجن لمدة عام واحد لمرتكبي جرائم لها علاقة بالقتل والارهاب او ما الى ذلك

ورغم صدور بعض الاحكام التي هي عبارة عن قطرة في محيط الاحداث المتلاطم فان المعلومات المتوفرة تظهر بان بعض المجرمين يطلق سراحهم بعد فترة احتجاز قصيرة من قبل القوات الامريكية او من قبل الاجهزة العراقية. وتشير هذه المعلومات الى ان اطلاق سراح هؤلاء يتم اما بواسطة الرشوة او بواسطة اشخاص مندسين في هذه الدائرة او تلك على اعلى المستويات الامنية والقضائية

ان الشرطة العراقية مخترقة بشكل خطير وكذلك الجيش كما وان هناك عناصر تتأهب للسيطرة على البلاد وبمساعدة بلدان مجاورة للعراق وبعيدة عنه بواسطة الدبابات والطائرات المروحية التي سترسلها اليها تلك الجهات قبيل خروج اخر قوة امريكية

ان الوضع خطير وامام الحكومة القادمة مهمات صعبة اولها هو ان تضع الردع في مكانه الصحيح وتظهره على الملأ وان تكون شفافة مع الشعب لكي يقف معها في مواجهة الارهاب والجريمة والا فان الوضع المعكوس للردع سيستمر ويتدهور الوضع الامني اكثر مهما عملت ومهما اشترت من تكنولوجيا وتسليح ومهما دربت من كوادر. ان العقاب الرادع لايقل اهمية عن كل ذلك بل وان اهميته اكبر ولولاه لارتفعت الجريمة اضعاف مضاعفة في اقوى بلد بالتسلح والامن والتكنولوجيا. فلو ازالت او تراخت امريكا او بريطانيا او المانيا في تطبيق قانون العقوبات الرادع فان الجرائم الخطيرة سترتفع بشكل كبير بعد ساعات من تراخي العمل به. ان العراق بحاجة اكثر من هذه الدول الى عقوبات رادعة للارهاب والجريمة لانها الوسيلة الطبيعية الوحيدة التي تمنع الكثير من التفكير او الوقوع بذلك. ان الردع يجب ان يكون واضحا وقويا وبحجم الجريمة

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter