بسم الله الرحمن الرحيم

الانتخابات العراقية والصراع على السلطة


لم يعد خافيا على احد بان العقلية العربية ومنها العراقية تميل الى الدكتاتورية والتشبث بالسلطة ولو على حساب الغالبية العظمى من البشر. وان الاسلوب الذي اعتادت عليه تلك العقلية هو اسلوب التشهير والتهديد للخصوم على اقل تقدير. ونحن لانحتاج الى عناء كبير لكي نتصفح التاريخ المعاصر والبعيد لكي نرى مدى العنف الذي مارسته تلك العقلية المتخلفة تجاه خصومها. وهذا لايعني اننا نتهم الغالبية العظمى من البشر ولكن هذا يشمل معظم الذين يطمعون بالسلطة كاداة لتحقيق مآربهم وملذاتهم الشخصية. ولكننا هنا لانزكي الشعوب العربية والشرق اوسطية ومنها العراق فهي شعوب لديها امكانيات لصنع السلاطين وتأليههم ثم عبادتهم بشكل مباشر او غير مباشر

ان هذه المقدمة تعني الكثير حول الانتخابات العراقية القريبة. فالانتخابات العراقية ولاشك حدث فريد من نوعه ليس في العراق وحده بل في المنطقة كلها. ولكن لا بد ان نسأل السؤال التالي: ماذا كان يمكن ان يحصل لو ان القوات الامريكية لم تكن موجودة او انها انسحبت الان؟

ان المتتبع للاحداث يدرك بان هناك صراع شديد على السلطة وليس مقاومة ولا دين ولاهم يحزنون. ان هناك صراع على السلطة في العراق يتخذ عدة اشكال ولولا الوجود الامريكي الذي تخشاه هذه الفرق المتصارعة لرئينا دكتاتورا صداميا جديدا قد تربع على العرش الحقير منذ سقوط النظام ولتحول الجيش والامن والمخابرات الى عناصر لخدمة الطاغوت الجديد. وعلى كل حال فان امريكا ايظا تريد ان تجعل الطرف الذي تريد في الحكم ولهذا فانها اوقفت العديد ممن راودتهم احلام الوصول الى السلطة. ومع ذلك فان امريكا لايمكن ان تقف ضد خيار الشعب ان كان ذلك خيارا يحترم الاخرين وحرياتهم ولايفرض نفسه على الجميع ولا يتشبث بالحكم الا لفترته التي بعدها يحدد الشعب من سيحكمه

ان الصراع الدائر بين الاحزاب الحالية قد ظهر مؤخرا على السطح واخذت الفصائل لاترى الا كرسي الحكم وللاسف فان وسائل الاعلام جميعها اصبحت تساند اما من يدفع لها او من يمثلها او هي تمثله. لقد ظهر التشهير والتجريح بالاخرين بل والتهديد والوعيد بشكل يوحي بالخطر. ويبدو ان الاعلام العراقي الحديث اصبح يركز على من يدفع اكثر للاعلان له وتصويره بانه المنقذ لكل هذه المشاكل

ولقد راينا تركيز حتى الاعلام العربي على بعض الاشخاص وهذا لايصب في هذه المرحلة بمصلحة العراق. لقد ظهر اياد علاوي في العربية وهو يترحم على ميشيل عفلق ويذكر ميزاته ليس لشيء بل لكي يكسب اصوات من هم لايزالون ينتسبون الى ذلك الحزب ولم يكن اياد علاوي الا عضو بارز فيه. ان ترحم اياد علاوي على ميشيل عفلق الذي ايد صدام بكل ما فعله بالشعب العراقي انما هو تهكم وتجاهل واضح لمشاعر الكثير من افراد الشعب. ان ميشيل عفلق لم يكن مجبرا بان يؤيد صدام بكل ما فعل وانه كان بامكانه مغادرة العراق بعد ان رأى انتهاك حقوق الشعب العراقي والعيش في باريس او بيروت او اي مكان اخر. ان ميشيل عفلق لم يكن ليحترم شعارات حزبه واهدافهه الظاهرة والتي تدعو الى تحقيق الحرية وغيرها لانه كان يرى ما يحدث للشعب العراقي على ايدي اكبر طاغية سخر الحزب لاغراضه الخاصة وسكت على ذلك بل وشجعه عليه. ولقد كان ميشيل عفلق وجماعته احد اهم الاسباب لتدهور العلاقة مع سوريا حينها. على اية حال فان علاوي يبدو انه لم يكن مدركا لجميع هذه الحقائق او انه تجاهلها ولعله يعود فيعتذر عن ذلك

ان الشعب العراقي مطالب بان يكون واعي لما يدور من حوله وان ينتخب من يمثله التمثيل الصحيح وان التوسل بالاخرين لكي ينتخبوا شيء يدعو الى السخرية سواء كانوا افرادا او طوائف او مذاهب. فالذي يرفض الانتخاب هذا شأنه وهو بالتالي ليس له بديل الا العراق يعيش فيه الا اذا رغب ان يغادره وهو غير عملي. وعليه فان ظهور الشهرستاني متوسلا بالاخرين للتصويت لايغير من الامر من شيء لان مسألة الانتخاب هي الاخرى دخلت في دائرة الصراع على السلطة
فنحن نعلم بان العراق تعود على ان يكون حكامه من السنة منذ ان دخل اليه الاسلام الا فترة حكم علي بن ابي طالب في الكوفة وعلي لم يكن حكرا على الشيعة رغم صراع معاوية ومن ايده معه. وعلى هذا الاساس دخل حلبة الصراع العراقي ملك الاردن عبد الله وهو يجهل تأريخ المنطقة ولا يعرف منها الا ان العراق يجب ان لايحكمه الشيعة لانهم سيكونون اخطر عليه من اليهود
وهنا نقطة مهمه يجب ان يعيها السنة في العراق الا وهي الحذر الشديد من السعي وراء تلك المهاترات الطائفية وغيرها لانهم اولا واخرا عراقييون ضمن نسيج عراقي لايشتمل على الشيعة والسنة فقط بل مختلف الاعراق والقوميات والاديان. حيث ان هذا النسيج العراقي الجميل بالوانه العديدة غير موجود في معظم الدول العرابية المجاورة. ان اختلاف المذاهب في العراق قوة وجمال وحضارة. وان الحكم في العراق يجب ان لايعتمد على الطائفية لان ذلك لايلائم العراق بل يجب ان يعتمد على الحاكم العادل مهما كان

ان على العراقيين ان يتوجهوا لصناديق الاقتراع كلهم لكي يعطوا صوتهم لمن يسعى للعدل والحرية واعادة بناء العراق على اسس علمية قوية وحديثة وبناء اقتصاد قوي ينافس الدول الاقليمية والدولية ويحترم من يحترمه ويسعى للسلام مع كافة الشعوب دون استثناء ويحقق الامن والرفاه لكافة المواطنيين دون تمييز بينهم ابدا و يحترم الرأي الاخر بل ويشجعه. على العراقيين ان لا يخلقوا دكتاتورا اخر او حزبا متسلطا اخر وان لايصوتوا لمن يسعى لان يكون كذلك على الاطلاق. ان العراقيين لايريدون صورا مهما كان اشخاصها وعلى المسؤول الواعي ان يبدأ بتمزيق صوره بيده ان رأها معلقة في الاماكن. وفوق هذا وذاك فان القانون هو الذي يجب ان يسود وان الدولة يجب ان تحكمها المؤسسات وليس الافراد وان الاقتصاد يجب ان يتحرر من سيطرة الدولة وان المعارضة المستقبلية يجب ان تكون قوية وفاعلة وذات برامج تنموية واقتصادية وتعليمية وغيرها واضحة

اذن باختصار فان الاحزاب التي ستدخل الانتخابات كلها ستفوز اما بكونها احزاب تستلم السلطة او بكونها احزاب معارضة لكي تكون صمام امان بوجه السلطة وهي بالتاكيد ستخوض الانتخابات مرة اخرى لكي تنعكس الصورة فتأخذ دورها بشكل حضاري وسلمي لكي يكون الحزب الحاكم معارضة والمعارضة تجرب دورها لبناء البلد. عند ذاك فقط نكون قد وصلنا الى شاطيء الامان ونكون قد اصبحنا مثال يحتذى به

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter