بسم الله الرحمن الرحيم

التدخل الاردني الطائفي السافر بشؤون العراق الداخلية


ان معاناة العراق من الدول المجاورة له لاسباب عديدة لم تكن جديدة بل استمرت لاجيال عديدة ولكن الذي يميز هذا العصر عن غيره هو ان العراق ومنذ ان حكمه صدام تكالب عليه النابحين والمصابين بمرض داء الكلب بسبب الغباء الاحمق والانفراد الدكتاتوري بالسلطة

وان من بين الذين نهشوا في عظام العراقيين وامتصوا دمائهم هو الاردن. فان اول الذين استفادوا من حرب (صدام الخميني) التي دامت 8 اعوام مريرة هو الاردن. لقد صب ملك الاردن حسين الزيت على النار لكي يؤجج تلك الحرب وكان من ضمن الذين اطلقوا بايديهم قذائف المدفعية باتجاه المسلمين من الشيعة الايرانيين. وفي الوقت الذي كانت به اموال اهل الخليج والسعودية تتدفق على صدام كانت الاردن تفتح افخاذ ميناء العقبة لكي تتدفق منه الاسلحة والمعدات والمواد المختلفة لتساعد صدام في حربه ضد الخميني. وكذلك كانت الحدود السعودية العراقية والكويتية العراقية التي شهدت تدفق ما لا يحصى من العتاد والسلاح والمواد الكيمياوية التي قتل بها ليس الجنود الايرانيين فقط بل الشعب العراقي من الاكراد والشيعة

ان البضائع لم يكن لها منفذا مناسبا بسبب سيطرة ايران على معظم السواحل في الخليج العربي مما وفر موردا لم تكن الاردن لتحلم به طيلة تاريخها الفقير والذي كانت ولاتزال تعتمد فيه على المساعدات الامريكية مقابل تنفيذ ما يراد منها من سياسات في المنطقة. فقد كانت تمر البضائع من والى العراق مما وفر للاردن دخلا اصبح يدر عليها ذهبا. ليس ذلك فحسب بل ان صدام قد منح الاردن النفط العراقي مجانا وكانه ملك ابيه او امه! وعندما انتهت الحرب الصدامية الخمينية بعد ان حصدت ملايين من ارواح الابرياء من العراقيين والايرانيين وحطمت اقتصاد البلدين دفعت امريكا صدام لغزو الكويت واعطته الضوء الاخضر لذلك. وكالعادة كانت الاردن من المستفيدين فهلل حسين للغزو باديء الامر لانه كان بضوء اخضر امريكي ولان حسين طمع بكعكة الكويت. وعندما احس حسين بان تلك الكعكة لم تكن حلوة المذاق كما تمنى اراد الاستمرار لاكل كعكة العراق فاستفاد الاردن من الحصار ايما استفادة لان الاردن صار المنفذ الوحيد لعراق طلقت امريكا نظامه العميل لها في حربها ضد الخميني بعد ان انتهت اوراقه مع انتهاء جلبه للقوات الامريكية الى نجد والحجاز بطلب سعودي كويتي

لقد استمر النفط مجانا ايام الحصار على العراق الى الاردن التي تذرعت بانقطاع نفط الخليج عنها. وكان العراقيون بسبب الظلم الصدامي والحصار الاقتصادي يتسللون الى الاردن طلبا للنجاة من الموت او الرزق مما جعل الاردنيين يستغلونهم ايما استغلال كعمالة ذات اجور زهيدة لاتكفي لسد الرمق مقابل ايوائهم لديهم والا فانهم يسلمونهم الى البووليس الاردني الذي شائنه شأن اية شرطة عربية لاترحم ولا تعرف التعامل الحضاري او حقوق الانسان

وقبل ان يسقط الصنم الصدامي القبيح اسفرت الاردن عن تدخلها السافر بشؤون العراق الداخلية عندما صدرت تصريحات من المخلوع من وراثة عرش اخيه (حسن طلال) بانه يطمع باعتلاء عرش العراق وكأن العراق ليس فيه رجال تحكمه ولا كفاءات تدير شائنه الا بوجود هذا الشخص. والاغرب من ذلك كيف يحق لاحد من دولة اخرى ان ينصب نفسه ملكا على غيره!؟ ان ذلك لايُفَسَر الا بقصر النظر والنظرة الاستعلائية الفارغة والسطحية في الفهم

وبعد ان سقط هبل المرتزقة والطائفيين من الاعراب بكى من بكى عليه في قنوات التلفاز ونبح من نبح ولازال نباح البعض يتعالى مبحوحا من كثرة الزعيق. وكالعادة بادر الاردن الى محاولة الاستفادة من الوضع الجديد فارسل المستشفى الاردني ليس حبا بالشعب العراقي بل كيدا له وتدخلا في شؤونه خاصة وان الاردن نقل سفارته الى الفلوجة بعد تعرضها للتفجير في بغداد. ولقد رأينا كيف ان العراقيين حطموا صور حسين (ملك الاردن السابق) في السفارة لانهم يعرفون كيف تسبب لهم الاردن بالويلات وسرق نفطهم واستفاد من ماسيهم

لقد قلنا منذ البداية بان تدريب الشرطة العراقية في الاردن خطأ كبير وقد كان من ضمن ما استفادت منه الاردن باستيفاء اموال باهضة مقابل ذلك التدريب الرديء

ان تصريحات المسؤولين الاردنيين ومنهم ملك الاردن لمجلة الواشنطن بوصت والمخلوع من عرش الوراثة لمجلة الدستور تعتبر تدخل غير مسبوق بالشأن العراقي لكونها تتصف بالصراحة الطائفية والمذهبية وبشكل مباشر لايقبل الشك

ان المخلوع من وراثة العرش من قبل اخيه صرح للدستور بان الشيعة اذا فازوا بالاغلبية في حكومة منتحبة لايشترك فيها السنة بسبب عدم اشتراكهم بالانتخابات انما يمثل عدم شرعية هذه الانتخابات وسيعطي المقاومة مصداقية اكثر بعد ذلك! فهل يوجد اكثر من هذا التدخل السافر والتصريح الذي يعترف به هذا الشخص بمصداقية الارهاب ضد الشيعة. ان هذا اعتراف واضح لايقبل الشك بان هؤلاء يفهمون المقاومة بانها مقاومة السنة للشيعة والهدف هو ابقاء العراق تحت سيطرة دكتاتورية شمولية

ان ضروف اليوم تختلف عن ضروف العشرينات حينما استوردت بريطانيا ملكا للعراق من خارج العراق. ولا مجال بعد اليوم للنفط المجاني او المخفض وان الذين يتدخلون بشؤون العراق الداخلية عليهم دفع الثمن

ان الاردن احوج الى ان يفتح ابواب التفاهم والصفح مع شعبه الذي خرج في عدة مناسبات للتظاهر ضد عدم وجود الحرية والديمقراطية وفرض سياسات لايقبل بها الشعب الاردني دون الرجوع اليه قبل تطبيقها. ان سياسة القمع في الاردن لاتختلف عن مثيلاتها في الدول العربية والشرق اوسطية الا ان الاردن بسبب فتح ابوابه لعلاقة ودية مع اسرائيل وتطبيق ما يراد منه قد خُفِفَت عليه الضغوط الدولية وخاصة الامريكية المنادية بحقوق الانسان. فالاردن اليوم بامس الحاجة الى فتح حوار صريح مع شعبه واعطاءه الحرية للتعبير عن رأيه اكثر مما هو محتاج للتدخل بشؤون العراق وسوريا ولبنان وايران خاصة عندما يكون التدخل لصالح طائفة او مذهب

ان رائحة الطائفية البغيضة التي ينادي بها الاردن على لسان ملكه وخليع الوراثة العرشية ومن لف لفهم غير موجودة في العراق. فالعراق بسنته وشيعته وعربه واكراده ومسيحيه ويزيديته وصابئته وتركمانه وارمنه واشوريه وغيرهم من الاطياف هم عراقييون اولا واخيرا ولم نعرف المذهبية هنا في العراق الا بعد ان تكلم بها الطائفيون والمذهبيون والتكفيريون. ان العراق الجديد لايهمه من سيحكمه ان كان شيعيا او سنيا او كرديا او مسيحيا او غيرهم ان كان عادلا غير ظالم فالحكم يبقى مع الكافر العادل ولايبقى مع المسلم الظالم - شيعيا او سنيا كان

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter