بسم الله الرحمن الرحيم

أين هي الاحزاب العراقية؟


لابد ان يكثر الحديث عن الانتخابات العراقية القادمة ليس لكونها شيئا غريبا على المنطقة العربية فحسب بل لانها ستلد بعد مخاض عسير سبقه حمل استمر عشرات السنين وتخللته مضاعفات مرضية خطيرة ومتنوعة. ويبدو وللاسف الشديد ان من يصفون انفسهم بالاحزاب العراقية الوطنية يضعون السلطة اولى اولوياتهم ان لم تكن الهدف الاوحد الذي يفكر به البعض منهم

ان الديمقراطية الحقيقية هي ليست التي تتنافس فيها الاحزاب على السلطة بل هي سلطة الشعب لاختيار من يحقق له ما يصبو اليه. وعليه و حسب التعريف الاخير فاننا امام امر خطير للغاية سوف لن يقود الا الى ديمقراطية سوف تولد مريضة وتحيا هزيلة وتعيش معاقة. اننا مع اجراء الانتخابات باقرب وقت ولكن عن اية انتخابات نتكلم؟

اين هي برامج الاحزاب فيما يخص الاقتصاد والامن والصحة والتعليم واعادة البناء والسياسة الداخلية والخارجية والقانون والضرائب والنفط والسياحة وبناء الجيش والامن؟

صحيح ان المجتمع العراقي قد اصيب نتيجة للظلم والتعسف بمختلف الامراض الاجتماعية والفردية الى درجة اصبحت فيها الابتسامة على الوجه العراقي تبدو شيء غريب الا ان هذا لايعني ان العراقي غير مكترث بمن يحقق او لا يحقق له الرفاه والامن بل على العكس

ان عدم تقديم برامج واضحة للامور الاساسية في العراق من قبل الاحزاب يدل اما على عدم اكتراث هذه الاحزاب بتلك الامور او على عدم وجود نظرة واضحة لهذه الاحزاب في ذلك. وفي كلا الحالتين فان واحدة من اهم الاسباب هو انهماك هذه الاحزاب بالتفكير بالسلطة باسلوب غير حضاري ولايتفق مع مصلحة الشعب العراقي

ان الاحزاب المتنافسة على السلطة لم تقوم بمسؤولياتها الكافية بالتعريف ببرامجها ويبدو من النظرة الثاقبة الى مكوناتها بان معظمها يقوم على اسس طائفية او قومية او عرقية او دينية بحتة

ان العراق ليس بحاجة الى ايديولوجيات حزبية تفرض نفسها عليه وانه قد ضاق ذرعا لا يطاق بذلك

ان الحزب الناجح والذي يرغب به كل العراقيين هو الذي يحقق الرفاه والعدل والمساواة والاقتصاد الرصين والدخل الفردي الجيد والمتنامي والذي يوفر فرص العمل العديدة بواسطة المشاريع الكبيرة لكافة المواطنيين بناءا على مؤهلاتهم وخبرتهم والذي يحارب بلاهوادة الفساد الاداري والمحسوبية ويضع نفسه واعضاءه تحت طائلة المحاسبة والقانون قبل غيرهم

ان العراق ليس بحاجة الى صدام ثاني ولا الى معارضة مشردة في الاصقاع

ان المعارضة الحقيقية هي التي تقف امام الحزب الذي في السلطة وتحاسبه على اخطاءه من اجل خدمة العراق بل وعليها تقديم تحليل موضوعي للنقد و ابداء البرنامج البديل لذلك

ان الانتخابات العراقية المقبلة على ما فيها من سلبيات وعدم اكتراث الاحزاب بالبرامج فهي خطوة اولى على الطريق الصحيح
نعم وبسبب انعدام البرامج فان المُنتًخِب العراقي سوف يقترع بطريقة خاطئة للقومية والعرق والعشيرة والمدينة والمذهب ولكن هذه الامور سوف لن تدوم امام المحك الواقعي

اننا جميعا ضد الاحتلال ولكن لابد من الاشارة والاعتراف بانه لولا وجود القوات المتعددة الجنسيات فان اطراف واحزاب عديدة كان يمكن لها من ان تدخل العراق في اتون حرب طاحنة على السلطة التي لم تلد الا بدبابة على مشارف القصر (الجمهوري) الذي اصبح رمزا للدكتاتورية والتسلط والظلم

ان الوقت يضيق امام الاحزاب والجماعات لكي تقول للمواطن العراقي كيف ستبني الاقتصاد؟ وما هو مشروعها النفطي؟ وكيف ستقضي على مشكلة الامن والبطالة؟ وكيف ستتبنى مشكلة الصحة والتعليم والسياحة والضرائب والموارد الزراعية والمائية؟ وما هو موقفها من السياسة الخارجية ودول الجوار والارهاب؟

اننا عندما نتحدث عن ذلك ناخذ بنظر الاعتبار بنه لافرق بين عراقي وعراقي في الدين والمذهب والقومية والعرق واللون. فالاحزاب الكردية يجب ان لايكون لديها برنامج خاص بالاكراد فقط بل برنامج يشمل العراق كبلد. والعربي الذي يرى في الحزب الكردي ان يحقق له طموحه فانه يصوت لذلك الحزب وكذلك هو الكردي فانه ان راى ان الحزب غير الكردي هو الذي يحقق له الامن والرفاه والدخل الجيد والاقتصاد القوي فانه لابد ان يلجأ اليه ونفس الشيء ينطبق على اليزيدي والمسيحي والشيعي والسني. اي ان العراقي ان لم يكن اليوم فغدا سيبحث عمن يحقق له الرفاه وليس غير ذلك

ومن المهم جدا التنويه الى ان تأجيل الانتخابات لا يصب الا في صالح الارهاب والعنف بل سيعطيه دفعة نحو الامام خاصة واننا نعرف بان احد اهداف العنف هو تعطيل البرنامج الديمقراطي في العراق الذي تدفع اليه دول ومنظمات اقليمية وعالمية لاغراض معروفة ومشخصة. وعليه فان الانتخابات يجب ان تجرى بموعدها وعلى الاحزاب ان تعلن برامجها للشعب لكي يتعرف عليه
ا


بقي ان نذكر بان الشعب سيعطي صوته لكافة الاحزاب! فالحزب الذي يشترك في الانتخابات ولايفوز يكون قد اصبح من احزاب المعارضة التي تدخل الصراع من اجل العراق. اي ان كافة الاحزاب المشتركة سوف تخرج لتبدأ النشاط لخدمة العراق وسيكون لها دور قادم في انتخابات قادمة تكون اكثر نضوجا وحيادية. الخاسر الوحيد هو الذي لايشترك

بعد هذه الانتخابات يجب ان يتم بناء المؤسسات الوطنية ويجب ان تنتهي المعارضة التي تعارفت عليها البلدان العربية والتي تتخذ لها منفى تتعرض به لضغوطه وتملى عليها سياساته. تلك المعارضة يجب ان تنتهي وذلك باعطاء اعضائها كامل الحرية للعمل في البلاد او خارجه مالم تمس بالامن الوطني العراقي او تتلقى مساعدات خارجية مشبوهة سواء كانت في الداخل او الخارج

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter