بسم الله الرحمن الرحيم

مَنْ الذي يهدد الاسلام بالخطر


ولد الاسلام كما يخبرنا التأريخ ضعيفا تحيطه بيئة صحراوية معادية و دول قوية لاتقل عداءا. ولكن رغم ذلك فانه انتصر وغير مجرى التأريخ البشري حتى يرث الله الارض ومن عليها. ان قوة الاسلام لم تكن بالذين حملوه فحسب بل بذاته التي انتصرت باديء ذي بدأ برجل حاربه قومه ومن جاورهم

ان التاريخ يشهد بان العرب قوم يُصعب جمعهم وتوحيدهم وهم ذوي نفسية انفعالية سريعة ومن هنا جائت قوة الاسلام اي ان الذين حملوه لم يكونوا ليقدروا على ايصال اي فكر غيره الى ما وصل اليه الاسلام ولا لم يثبت لهم التأريخ القدرة على التوحد. وعليه فان الله شاء ان يُري البشر هذه القوة الكامنة. وان الله سبحانه وتعالى اشار الى استحالة ذلك بالاية التالية

لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم انه عزيز حكيم. الانفال: 63

أذ كنتم اعداءاً فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها كذلك يبين الله اياته لكم لعلكم تهتدون. ال عمران : 103

لقد كان بامكان الاعراب من قريش القضاء على الاسلام منذ ايامه الاولى وألتاريخ مليء بالادلة والشواهد التي تخبرنا بمدى خطورة المخططات التي وضعت وتم تنفيذها لوأد الاسلام في مهده الا ان ارادة الله شاءت ان يستمر هذا الدين الى امد يعلمه الله

ان الدين هو تنظيم لشؤون الحياة الفردية والاجتماعية دون اكراه على اتباعها وهو ليس سلطة تفرض نفسها و تعاليمها على البشر

(لا اكراه في الدين – البقرة - 256)

(وما جعل عليكم في الدين من حرج – الحج – 78)

وبما ان الدين الاسلامي جاء لكافة العصور فانه لم يكن دينا جامدا ولايمكن ان يتوقف عند حدود تفكير شخص بذاته او مجموعة اشخاص لان العصر يتبدل علاوة على ان الناس قد تفسر الدين تبعا لمصالحها وأهواءها. وعلى هذا الاساس فان الدين صنو لايفترق عن العقل والاجتهاد واذا ما افترق عن ذلك فانه يصدأ لان العقل المُستًنبِط والمجتهد هو الذي يصقل الدين ويمنع عنه الصدأ. وعليه فان الدين هو انفتاح وليس انغلاق وتواصل مع الاديان والشعوب الاخرى وليس انقطاع عنها لان ذلك يؤدي الى التقوقع والتحجر الفكري

ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائلاً لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله خبير. (الحجرات: 13)

فالنداء الالهي هنا موجه الى الناس كلهم بلا استثناء وبضمنهم المسلمين

ان الاسلام نهى عن تزكية النفس بسبب الدين فلا يجوز ان يقال ان ماعندي من دين هو خير من فلان بسبب افعاله او مذهبه او طريقة تفكيره ولا يجوز تكفير الاخرين او توزيع مفاتيح الجنة وكأنها ملك من املاكهم او املاك ابائهم

الم تر الى الذين يزكون انفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا. النساء: 49

وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم. البقرة: 113

ان القران يذهب الى ابعد من ذلك في ضبط النفس حتى مع الذين يعبدون الاحجار والاخشاب وما شابه فيقول

ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم. الانعام: 108

ان الدين الاسلامي لم تهدده القوى العظمى عندما كان ضعيفا جدا مثل الامبراطورية الفارسية او الرومانية ولكن التهديد عبر التأريخ الطويل
جاء من المسلمين انفسهم او الاصح الذين دخلوا الاسلام اما بالولادة او الاعتناق بمختلف انواعه القسرية وغير القسرية

ان من اخطر الامور التي واجهها ويواجهها الاسلام اليوم هي الفهم الخاطيء للاسلام و واتخاذه ذريعة لتحقيق اهداف سياسية او شخصية ولا يستثنى من ذلك المتخصصين في الدين ان اسائوا عملهم وتجاوزوا حدودهم. لا بل كان و اصبح الدين اداة لاصدار الفتاوى التي تلزم الناس او على الاقل تحرضهم على اعمال خاطئة مثل القتل والتدمير والخراب وما شابه ذلك. واننا نرى اليوم مجرمين يمتهنون الموت والتدمير ويعمدون الى اتخاذ من يصدر لهم الفتاوى في ذلك لكي يقلل من الاثار النفسية المترتبة على الشعور بالذنب الذي يرافق الحالة السايكولوجية التي تلي الذنب. فلا احد يشك بان الذين يذبحون الابرياء وهم يكبرون باسم الله انما الله منهم ومن افعالهم براء وانه سيحاسبهم لاشك يوم الحساب ليس لارتكاب القتل العمد بغير ذنب وانما لانهم شوهوا اسم الله وجعلوا الناس تكره الاسلام وتسبه وتستهدفه بشكل اكبر من ذي قبل

ان علم النفس البشري يفسر استخدام هؤلاء للذبح وذكر اسم الله بانهم يمتلكون نفوسا مريضة وسادية تتمتع وترتاح اذا رأت الاخرين يتعذبون ومما يزيد في متعتهم هو القتل باسم الله للتخفيف من وطأة تأنيب الضمير كما وتصور لهم نفوسهم المريضة بان فعلتهم هذه ستدخلهم الجنة. والاغرب من ذلك فان اول شيء يحلمون به في الجنة هو الجنس والنكاح وكأن الجنة خلقت للتناكح فقط! ان علم النفس يفسر ذلك بعقدة الحقارة والحرمان الذي يؤدي الى الشذوذ. ان اهم شيء يفكر به العقل السليم بالجنة هو رضى الله عن العبد. فاذا رضي الله عن العبد يكون قد سَعِدَ في الدنيا وفي الاخرة وهذا التفكير لاتجده عند النفوس المريضة التي تقتل باسم الله بل هي لاتفكر الا بدافع الشهوة الغريزية. وهذا هو الذي دفعها لان تتخذ مواقف متطرفة من المرأة التي لم تخلق من اجل النكاح فقط بل هي طرف في الحياة وطرف في النكاح وليس الة لاجله كما يتصور اصحاب النفوس المريضة

ان العالم يعيش اليوم في عصر غير عصر الجواري والعبيد والاماء والغلمان وما ملكت الايمان ولايمكن ان ينطبق ذلك على هذا العصر و ان وجد عند بعض المتخلفين. ان المسلم الجيد لايحتاج لان يكون في مجتمع منغلق على نفسه لكي يمارس دينه بل انه قد يكون في مجتمع غير اسلامي مثلا في الغرب ولكنه يؤدي دينه على اقدر ما يستطيع من صلاة وصيام وزكاة وحج واحترام الاخرين والاخلاص في العمل وغير ذلك من اخلاق كريمة

الاسلام لم ياتي لكي يتقوقع بل جاء للناس كافة من اتخذ اليه سبيلا بالحب والود والكلمة الطيبة وليس بالاجبار والقسر ويجب ان لا نقرأ التاريخ بعقول منغلقة بل بالنقد والتحليل الذي يشمل نقد افعال المنصرمين للاستفادة منها. ان باب الابداع في الحياة لم يغلق وانه من الخطأ القول بان السلف كلهم كانوا خيرا من الخلف بل يجب ان يُمَحَصوا فمنهم من كان نموذجا يقتدى به ومنهم من ارتكب اخطاءا فادحة لاتغتفر

واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه اباءنا اولو كان ابائهم لايعلمون شيئا ولايهتدون. المدينة: 104

اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون. المنافقون: 1

وهذا دليل على ان الاسلام لم يهدد من داخله حديثا بل ان ذلك كان على امتداد العصوروالتهديد الذي يتعرض له الاسلام اليوم هو من الذين ينتسبون اليه بغير علم ولا هدىً ولا عقلٍ مستنير

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter