بسم الله الرحمن الرحيم

من مكة والمدينة


ذكرنا في المرة السابقة قصة صاحبنا الذي زار مكة للعمرة والمدينة ومشاهداته حول ما عملت الايدي المتخلفة من تخريب وبدع لاتمت للدين ولا للحضارة بصلة بل للفكر التهديمي والتكفيري فقط. وفي هذه المرة نكمل ملاحضات صاحبنا هناك

يقول بعد زيارة قبر الرسول والروضة المطهرة وماتعرضت له من تنكيل وتهجم ومحاولة اذلالي من قبل المطوعين الوهابيين توجهت الى البقيع وهي مقبرة تضم رفاة عدد من ال بيت النبوة عليهم السلام وابراهيم ابن الرسول والعباس عمه وصفية عمته وجعفر الطيار وعقيل بن ابي طالب وعلي بن الحسين ومحمد الباقر ابنه وجعفر الصادق و الحسن بن علي عليهم السلام وغيرهم

كان منتصف النهار والجو حارا جدا في الصيف ولكن رغم ذلك تجمع عدد كبير من المسلمين حول السياج الحديدي العالي امام قبور اهل البيت خاصة المذكورين اعلاه. يقول صاحبنا بانه من النوع الذي لايحب ان يعمل شيء الا بعد ان يتهيأ له ومن ضمن ذلك اصطحاب خرائط للمكان المقصود ودراستها قبل ذلك. ومن ضمن تلك الخرائط هنا خريطة توضح اماكن تلك القبور. يقول لقد وجدت قبورا قد مسحت مع الارض فبعد ان كانت قبابا على عهد المسلمين الاوائل هدتها ايادي الوهابية لتحيلها الى كومة صغيرة من التراب عمدت الى طمس معالمها وعدم وضع اي علامات تعريف عليها

لقد كان المشهد مؤثرا جدا فقد امتزجت الدموع بالدعاء وقراءة الزيارة او الفاتحة للموتى او التطلع في اعماق التاريخ الذي غير مجرى البشرية الى الابد من خلال هؤلاء العضماء من اهل البيت وجدهم وابيهم. لقد قرأت الزيارة والدعاء ولم اكن اشعر بحرارة الجو بل كلما كنت اريد ان اغادر المكان اشعر بانني لم اكتفي منه. لقد كان الحضور معضمهم من شيعة ال محمد ومحبيهم وغيرهم من المسلمين قليل. قبل مغادرة المكان سألت احد الحضور بامكانية الدخول الى البقيع فاشار الى انهم يسمحون بالدخول بعد صلاة العصر واحيانا بعد المغرب اذا كان هناك ميتا لدفنه وبعد صلاة الصبح

عدت الى الفندق لاخذ قسطا من الراحة ولتناول وجبة من الاكل لكي اعود للدخول الى البقيع عصرا ولكن التعب اخذني فنمت قليلا و لم اتمكن من الوصول الى البقيع الا عند اخر دقائق قبل غلقه. و لكن بعد صلاة المغرب جاؤا بجنازة لدفنها هناك حيث فتح الباب ثلاثة من الشرطة جاء بعدهم ثلاثة اشخاص متجهمي المنظر كانهم شرطة سرية او عصابة مافية دخلوا بعد الشرطة واتخذوا مواقع لهم امام قبور الائمة جعفر الصادق ومحمد الباقر وعلي بن الحسين السجاد والحسن بن علي والعباس بن عبد المطلب وقبر فاطمة بنت اسد لكي يمنعوا اي واحد يمكن ان يدخل ويقف مقابل هذه القبور. دخلنا مع الجنازة لعلنا نحضى بالوقوف والسلام على اصحاب هذه القبور من اهل البيت النبوي الكريم الا اننا مجرد ان التفتنا ناحية القبور المذكوره طلب منا الثلاثة ان لانقف وان نتحرك وعليه اتبعنا الجنازة وكان الوقت قد اصبح ليلا. قرانا الفاتحة للميت وقبل ان ينتهون من الدفن والرجوع قررننا العودة الى الباب لعلنا نحضى بلحضة للسلام على الائمة ولكننا فؤجنا بانهم زرعوا الطريق باشخاص على طول الطريق حاولوا منعنا من العودة الا مع الجمع الا اننا خرجنا لاعذار شخصية ولكن لم نتمكن من الوقوف بسبب وجود الاشخاص الثلاثة متسمرين في مكانهم امام قبور الائمة

عدنا في اليوم التالي ودخلنا مع الناس لانهم يفتحون الباب لمدة ساعة لايجوز للنساء فيها بالدخول بل فقط للرجال. راينا كيف حطم الوهابيون القبور وحولوها الى كومة من الرمل والتراب. حتى كادت تندثر معالمها تماما. لا يوجد اسماء على القبور واغلب الناس يعرفون المواقع او عندهم خرائط لها. كان هناك مجموعة من الحمام الجميل تحوم حول القبور الائمة وهناك قبر ابراهيم ابن الرسول الذي مات وليدا وعمته وقبور زوجاته وجعفر الطيار وجعفر بن ابي طالب وام البنين (ام العباس بن علي الذي استشهد مع الحسين هو واخوانه في كربلاء). البقيع ليست مقبرة كبيرة جدا كمقبرة النجف مثلا ولكنها توحي الى الداخل لها الى اشياء عديدة منها التاريخ العميق و قوة هذه الارض التي منها خلق الانسان واليها يعود مهما كان. فالارض التي تضم رفات هؤلاء الائمة والرسول عليهم السلام سوف لن يفلت منها احد فما اقصر هذه الحياة التي تمر كمر السحاب وكاننا مسافرين في قطار او سفينة كلما تصل الى مرفا ينزل بعض المسافرين بلا عودة. ولابد من الاشارة هنا الى ان المطوعين الوهابيين كانوا يراقبون الناس وقد استولوا على مجموعة من الكامرات لانهم لا يسمحون بالتصوير ورفضوا اعادتها الى اصحابها

بعد ذلك قررننا ان نحاول زيارة الاماكن التاريخية الاخرى وبالذات بيت الاحزان الذي اتخذته فاطمة عليها السلام مكانا منعزلا تاوي اليه بعد وفاة ابيها (صلى الله عليه واله وسلم) ومسجد الشمس وبستان سلمان الفارسي و موقع معركة الخندق واحد والغار الذي صعد اليه الرسول بعد هزيمة المسلمين فيها بسبب عدم اطاعة الصحابة لاوامر الرسول رغم تاكيده عليها بشكل قطعي. راينا احد وجبل الرماة الذي تخلى عنه هؤلاء ولم يطيعوا نبيهم بملازمته مما تسبب بجرحه وهروب الاخرين من الصحابة من القتال. في الحلقة القادمة نكتب عن هذه الاماكن وغيرها وكيف عبث بهذه الاماكن التاريخية العابثون من الوهابيين

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter