بسم الله الرحمن الرحيم

فشل السياسة العراقية الحالية والسابقة
لاشك ان سبب انحدار العراق ووصوله الى ما هو عليه من تدهور خاصة منذ عام 1979 لحد عام 2003 هو السياسات الخاطئة والدكتاتورية التي اعطت الفرص السانحة والمجانية لاعداء العراق مثل اسرائيل وامريكا ومن لف لفهما لتدمير العراق بمختلف الاساليب والطرق.  ولم يتغير حال الفشل السياسي العراقي بعد عام 2003 اي بعد سقوط النظام الدكتاتوري وبعد الاحتلال ثم خروج الاحتلال العسكري بل على العكس فقد اصبح الفشل السياسي العراقي يمتزج بالفساد العميق في مختلف نواحي الحياة الادارية العراقية واستبدلت الدكتاتورية الواحدة بدكتاتوريات متعددة.
ان الفساد والفشل الاداري والسياسي العراقي لايقتصر على شخص واحد او حزب واحد بعينه بل يشمل كافة العناصر والاحزاب العراقية الموجودة على الساحة السياسية الحالية بما في ذلك اعضاء البرلمان العراقي الذين وصفتهم صحيفة (الديلي ميل البريطانية) على انهم افسد اعضاء برلمان في العالم وهم يكلفون ميزانية الدولة اموال طائلة تستمر الى ما بعد انتهاء دوراتهم الى مدى الحياة!  كيف لا وهم الذين شرعنوا اسس رواتبهم وتقاعدهم والاموال التي تصرف عليهم والتي تتجاوز رواتب ومصروفات اعضاء الكونغرس الامريكي! 
ليس نوري المالكي هو وحده الفاشل بل حكومته باجملها واعضاء البرلمان ورئيسه والاحزاب الدينية وغير الدينية وهيئة الرئاسة بما في ذلك رئيسها الطالباني ومساعديه الهارب منهما والاخر الذي بقى لوحده بسبب غياب صاحبيه بين مرض وهارب هم كلهم فاشلون!  ومن المخجل بل هو وصمة عار ستبقى في جبين العراق هو قيام هذا المجلس على اساس طائفي عرقي وليس مهني اكاديمي استحقاقي.  فالرئيس كردي ولديه مساعد شيعي ومساعد سني ... ياسلام!   ليس هذا فحسب بل رئيس الوزراء شيعي ولديه نائب سني ونائب كردي والجميع فاشل!  الفشل السياسي العراقي ينعكس سلبا عى كافة دوائر الدولة ولاشك ان تلك الدولة التي بنيت على اساس طائفي عرقي ومذهبي بعد عام 2003 لايمكن ان تكون ناجحة على الاطلاق.  والمظاهرات التي تنطلق في الرمادي وتكريت والموصل وديالى وغيرها هي جزء من رد الفعل على تلك الطائفية لهذا اصبحت شعارت بعضها هي نفسها طائفية!  وهذا يشكل خطورة كبيرة على وحدة العراق واستقراره.
في الحقيقة والواقع العراق باجمعه يرفض كافة الاحزاب والكتل والسياسين العراقيين واعضاء البرلمان الحاليين لانهم كلهم فاشلون منافقون لانهم يستندون على اسس مذهبية عرقية ولم نشعر بان فيهم من هو وطني يحب العراق ويعمل لاجله.  والدليل على هذا هو انه لايوجد لحد الان حزب او كتلة برلمانية واحدة تنتمي اليها كافة المذاهب والقوميات العراقية!  هناك احزاب دينية شيعية صرفة مثل كتلة عمار الحكيم او حزب نوري المالكي او ابراهيم الاشيقر الجعفري وعلى الجانب الاخر هناك كتل سنية صرفة مثل القائمة العراقية والحزب الاسلامي بينما ينفرد الاكراد باحزاب وكتل لاتضم الا الاكراد واغلبهم لديهم نزعات انفصالية منهم من يعلنها ومنهم من يخفيها.  فهل من احد يشك بان هذا الواقع العراقي واقع مريض بل وممزق مما يمنح الفرص لاطراف خارجية طامعة مثل تركيا وايران وغيرها من التدخل السهل في شؤونه الداخلية وزعزعة امن مواطنيه وذلك من اجل تمشية مصالحهم الخاصة سواء النزعات التوسعية العثمانية الهوى او الفارسية الاتجاه. 
الواقع العراقي مرير والحلول ليست جاهزة ولكن في نفس الوقت ليست مستعصية على من يريد ذلك!  ومن لم يساهم في محاولة ايجاد الحلول ويساهم بها من السياسين والحكومة الحالية فسوف يحاسبه الشعب والتاريخ وقبل هذا وذاك الله حسابا عسيرا.  ليسرق من سرق ولكن هل يضن ان سرقته سوف تمر دون حساب؟!  هذه امانيهم ليخدعوا بها انفسهم وسوف يدفعون ثمنا باهضا يتمنى احدهم ان يكون قد دفعه في الدنيا حينما يحاسب عليه في الاخرة لان حساب الدنيا قد يخفف من وطأة حساب الاخرة!
في الاونة الاخيرة وبعد المظاهرات في المدن العراقية المذكورة اطلقت حكومة المالكي عدد كبير من السجناء والموقوفين وتم التعتيم الكلي على ما اعلن قبيلها عن اتهامات وجهت الى حماية وزير مالية المالكي رافع العيساوي!  السؤال للمالكي وحكومته ووزارة داخليته وقضائه هو اذا كان هؤلاء الذين اطلق سراحهم ابرياء فلماذا تم حجزهم لفترات طويلة؟!  واذا كانوا مجرمين ومدانين بارتكاب جرائم فردية او تمس امن الوطن فلماذا يتم اطلاق سراحهم؟!  الا يشجع هذا كل من يريد ان يطلق سراحهم على تحدي الحكومة بالمظاهرات؟!  انها معادلة يصعب على السيد المالكي وحكومته الجواب عليها!  هناك قضايا كثيرة وفساد كبير مرت ونسيت واسدل عليها الستار بل وتم التستر عليها بوضح النهار كالبنوك التي سرقت والملايين بل المليارات التي انتهى امرها في البنوك العالمية والعقارات الخارجية والجرائم وغيرها ولم يعطى فيها من جواب لهذا الشعب الذي ارادت له سياسات غريبة التفتت والتمزيق.
بقي شيء واحد مهم جدا ... بالاحرى اشياء ولكن واحد يجب المرور عليه الا وهو المرجعيات الدينية في النجف الاشرف وخاصة مرجعية السيد علي السيستاني.  فلاشك ان لهذه المرجعيات دور كبير في تفعيل الامور ولكن ينتظر الكثير من الشعب العراقي منها دورا ايجابيا اكبر في الوقوف ضد الفساد الحكومي والفساد السياسي بل وتشخيص مواطن الفشل وعدم السكوت عليها.  فهذه المرجعات كان لها دورا كبيرا في محاربة الاستعمار والدكتاتورية والهيمنة والظلم والتسلط وهي لاترضى لنفسها السكوت عن الحق!  كما وانها لاترضى لنفسها الانزواء عن الجماهير وتكون منهم على مسافة واحدة سواء منهم الشيعي او السني او غيرهم من الاديان الاخرى.  الم يكن للامام الصادق (عليه السلام) تلاميذ صاروا من ائمة السنة وكان له مقربون من الصابئة وغير ذلك كثير من الامثلة.  ان المرجعية الدينية سواء الشيعية في النجف او السنية لهما الدور الكبير في ايجاد الحلول بل وباصدار فتاوي تحرم سفك الدماء والفساد الاداري بمختلف انواعه والوقوف بوجه الفاشلين.
اخيرا وليس اخرا قد لايكون الحل يتمثل في استقالة نوري المالكي وحل البرلمان ولكن يبدو ان غير ذلك لايحل المشاكل المستعصية فيجب اجارء انتخابات مبكرة لاتقوم على اسس طائفية (قد لايكون امرا مستحيلا حتى مع وجود نفس الكتل)!  البرلمان يجب تسريحه دون منح اعضائه راتب تقاعدي مدى الحياة فهم لم يعملوا شيئا للعراق ماعدا احزابهم وكتلهم وانفسهم!  وحكومة المالكي يجب استقالتها بنفس البوم الذي يحل به البرلمان وتشكيل حكومة من نفس كتلة الحكومة الحالية لتسيير الامور لمدة لاتزيد عن شهر يتم خلالها اجراء انتخابات عامة لبرلمان جديد لايحق لاعضائه الحاليين بالترشح كما لايحق للسياسيين الحاليين في مواقع القيادة بالترشح من جديد.  ويترافق ذلك بايقاف كافة اشكال الاحتجاج والتظاهر والتجمع في كافة انحاء العراق وينطبق نفس الشيء على كردستان العراق.  بهذه الصورة يكون العراق قد دخل مرحلة اخرى يتم فيها طي صفحة الطائفية وتتكون فيه حكومة وبرلمان وطني يقوم على اسس مهنية فيها القضاء مستقل والجيش لايتدخل بالسياسة.  وبدون هذا سوف يبقى العراق يراوح بين هذا وذاك ولاسيتقر له قرار!

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter