بسم الله الرحمن الرحيم

الكويت مصدر قلق وتهديد لرفاهية واستقرار الشعب العراقي


جاء ان العراق يتجهز لتحكيم الحدود مع الكويت دولياً!

قبل كل شيء يجب ان يتم تصحيح ذلك بالقول بان (حكومة المالكي) الحالية هي التي تريد هذا الاحتكام وليس الشعب العراقي ولا العراق. فالاحتكام المذكور هو ما يسر الكويت وكانت تحلم به منذ تكوينها على ايدي الاستعمار البريطاني الذي اقتطعها من محافظة البصرة لكي يسهل عليه ابتلاع النفط الموجود فيها وبالفعل تم ذلك. فمنذ ذلك الحين لحد هذه الساعة لم يتم ترسيم الحدود بشكل فعلي وحتى بعد اعتراف (حكومة عبد السلام عارف) بها لم يتم ترسيم حدود.

كانت الكويت قبل الفتح الاسلامي تسمى (كاظمة) ثم بعد ذلك سميت (كويت) وهي كلمة عراقية تعني (الحصن الصغير) نسبة الى حصن يعود الى (قبيلة آل عريعر). ليس الكويت فقط بل المنطقة الشرقية من (السعودية) وبالتحديد (الاحساء والقطيف) الغنية بالنفط كانت عراقية يديرها والي العراق في العهد العثماني وكانت ادارياً تتبع اليه. ولقد كان (سعود بن فيصل) يعمل على فصل منطقة الاحساء التي كانت جزء من منطقة (النجف) في عام 1865 ميلادية مما دعى بالدولة العثمانية بتجهيز جيش عراقي لاستعادة السيطرة على (منطقة الاحساء). كان حينها الشيخ عبد الله الثاني بن صباح الثاني شيخاً على الكويت باعتبارها قضاء تابع لولاية البصرة فخاف هذا الشيخ من توجه الجيش العثماني وهو على دراية باحقية اهل البصرة بالكويت مما جعله يتصل (بمدحت باشا) والي الدولة العثمانية في بغداد عارضاً عليه بان تكون الكويت قاعدة عسكرية عثمانية مقابل ابقائه في المشيخة. وعلى اثر ذلك منح ذلك الشيخ لقب (قائمقام) تابع للبصرة ولكن بعد ذلك تعاهد اخوه مع الانكليز فقتله وحل محله.

بقي الحال على هذا الاساس اي ان الكويت قائمقام تابع للبصرة حتى مجيء القوات البريطانية قبيل الحرب العالمية الثانية حيث طلبت هذه القوات من (الشيخ مبارك الصباح) برفع العلم البريطاني على السفن لكي يتم تمييزها عن السفن العثمانية ولكن هذا الشيخ خاف من غضب الدولة العثمانية فرفع العلم العثماني ولكن اضاف اليه كلمة (كويت)! واثر اندلاع الحرب العالمية الاولى 1914 طلب (بيرسي كوكس) المقيم السياسي البريطاني في الخليج من الشيخ مبارك الصباح بمهاجمة واحتلال (صفوان وام قصر وجزيرة بوبيان وبعض الاراض التابعة للبصرة) وضمها الى مشيخته مقابل الاعتراف به كدولة مستقلة! وقد اوعزت بريطانيا الى جيشها للمساعدة بذلك كما اوعزت (لعبد العزيز بن سعود) و (الشيخ خزعل) بنيتها تلك مما جعلهم يعترفون بذلك وحتى لايقوم عبد العزيز بضم تلك المنطقة الى نفوذه بعد ان حاول ان يهاجم العراق عن طريق النجف وكربلاء والسماوة لكي يضمها الى مملكته. والتاريخ لاينسى الوقائع السوداء التي تم بها بقر بطون الحوامل وقتل الاجنة عند مهاجمة شراذم عبد العزيز تلك المناطق. هكذا تكونت الكويت بعد استقطاعها من العراق وليس غريباً ان يستمر منذ ذلك الزمن قتل العراقيين ولايمكن ان ننسى ما جرى اثناء حرب (المجرم جورج بوش الاول على العراق عام 1991) ولاقتل الملايين من الاطفال العراقيين وبمساعدة الكويت والسعودية اثناء الحصار البربري ولا ما تلا ذلك من استهتار وتمويل للارهاب. فلا يمكن نسيان الجنود العراقيين الذين استسلموا ورفعوا الرايات البيضاء ولكن تم قتلهم ودفن بعضهم احياء من قبل قوات (مجرم الحرب شوارتسكوف وسلطان ومن لف لفهم). ولايمكن نسيان طريق الموت الذي يمتد من الكويت (كاظمة) الى البصرة حيث قامت طائرات (الجبناء) من ال سعود وامريكا بضرب القوات العراقية المنسحبة دون مقاومة على الاطلاق وهي جريمة لاتغتفر بحيث بقيت الجثث المحروقة على طول ذلك الطريق لجنود عراقيين زج بهم نظام لايرحم وتمت تقويته ومساندته من قبل ال الصباح وال سعود انفسهم.

وبالعودة الى التاريخ فلقد تعهدت بريطانيا (للشريف حسين) بان تكون الكويت جزء من البصرة وترفع حمايتها عنها بعد انتهاء الحرب كما ونصت على ذلك اتفاقية (سايكس بيكو) التي اعتبرت الكويت جزء من ولاية البصرة ولكن بريطانيا تنصلت من هذه الاتفاقيات جميعاً وحسب ما يتفق مع مصالحها. ولقد قامت محاولات من قبل اهل البصرة مثل محاولة (رجب النقيب) و(يوسف ابراهيم) بطرد عائلة الصباح بسبب محاولاتهم الانفصالية والاضرار باهل البصرة ولكن القوات البريطانية منعتهم ودارت حروب بعد استنجاد عائلة الصباح بالحامية البريطانية في بوشهر. ولقد كان سور يحيط بالكويت يبلغ طوله 750 متراً فقط بحيث كانت عائلة الصباح مسؤولة فقط عما يحدث بداخله وكل ما يقع خارجه فهو من مسؤولية الحكومة الادارية في البصرة!

وبعد تشكيل الحكومة العراقية وبالذات اثناء حكم الملك غازي في عام 1929 م تعالت صرخات كويتية من قبل نواب كويتين الى الملك لتخليصهم واعادة الكويت الى العراق فاراد الملك ان يقوم بذلك الا ان بريطانيا تدخلت ومنعته. كما وحدث نفس الشيء في زمن عبد الكريم قاسم. وبعد مجيء احمد البكر للحكم تم توقيع اتفاق توسيع الحدود الكويتية الى حد صفوان مقابل منح حكومة البكر بضعة ملايين من الدولارات. وبقيت الكويت وعائلة الصباح تحاول النيل من العراق واضعافه ما تمكنت حتى جاء زمن صدام حسين فزجت بثقلها معه ضد ايران لان ايران ارادت اسقاط الانظمة الخليجية حينها ولولا تلك الحرب فانهم بالفعل يقومون بذلك. وقفت الكويت مع صدام ودعمته ووضعت تحت تصرفه كل ما تملك رغم ظلمه لشعبه وهي تعلم بذلك. كما وقفت مع صدام امريكا ودول الغرب ليس حباً به ولا حباً في العراق بل على العكس ارادت جميع هذه الدول اقتتال العراق وايران لكراهيتها لكلا الدولتين. ولو اراد صدام حينها ان ينفذ مشروعه آنذاك بضم الكويت لما استطاعت امريكا ولا غيرها من طرده منها لان ذريعته حينها ستكون بانه يريد حماية الكويت من ايران وتأمين حدود العراق الجنوبية من غزو ايراني متوقع لها. الغرب حينها سيكون مجبراً بقبول الامر الواقع والا لانقلبت عليهم موازين القوى بسبب ايران والخميني حينها. وما ان انتهت الحرب واحست الكويت بمدى الخطورة عليها من قبل صدام الذي اصبح يمتلك رابع اقوى جيش في العالم حتى اخذت تعد العدة بشكل سري ومتقن مع امريكا واسرائيل والغرب فوضع مجرم الحرب (جورج بوش) سيناريو احتلال الكويت مع ال الصباح قبل الحرب بفترة طويلة لكي يتم تدمير العراق وقدراته التي كانت الكويت تخشاها. ولقد تم تطمين حكام الكويت بانهم (اي امريكا) سوف يوقعون صدام في الفخ وسوف يغزو الكويت ولكن ذلك سيكون مفتاح تدمير العراق وقدراته العسكرية واعادة اعمار الكويت من الاموال العراقية وهو ما حصل فعلاً الى يومنا هذا. والدليل على تهيؤ كبار حكام الكويت بانهم تمكنوا من مغادرة البلاد بسرعة فائقة تدل على حصولهم على معلومات مسبقة عن عملية دخول القوات العراقية بل على كافة فصول المسرحية بشكل مسبق. وكان مشروع (غزو) الكويت وقدوم القوات الامريكية وتحطيم العراق مشروع صهيوني قديم قد تم تطبيقه بدقة وبالاتفاق مع حكام الكويت عام 1990.

ان هناك فرق في الكتابات بين السرد التاريخي للاحداث والمطالبة بالحقوق وبين الشتم والتشفي والاساليب غير المهذبة. وان على العراقيين ان لايتوقفوا عن المطالبة بحقوقهم المسلوبة بترسيم الحدود الخاطيء وبالغاء الديون المترتبة على تعويضات هم ليسوا لهم دخل فيها بل نظام قد انتهى اذ (لاتزر وازرة وزر اخرى). كما وعلى العراقيين ان لايتوقفوا عن مطالبهم بخصوص الخروج من البند السابع الذي تصر الكويت على ابقاء العراق تحته وتدفع الاموال والرشاوي لذلك. وعلى الحكومة العراقية الحالية تقديم توضيحات مقنعة للشعب العراقي عن سبب عدم قيامها بما يلزم لتحقيق خروج العراق من ذلك البند وهي بذلك تعتبر مقصرة كما وانها قد خدعت الشعب العراقي حينما طالبت مجلس النواب بالتوقيع لتمرير الاتفاقية مع المحتل الامريكي البغيض. اذن لامعنى ان يقال للكتاب والصحف لعراقية ان تمتنع عن الكتابة بالمطالبة بحقوق الشعب المشروعة في الوقت الذي تدفع به فواتير كبيرة بمليارات الدولارات لشعب مترف بينما يموت العراقيين من الجوع والاوبئة وتفشي الامراض وانعدام الخدمات وتفشي الفساد الاداري في الوقت الذي تفشل به حكومتهم من وضع ابسط الحلول لهذه المشاكل وهي تخدر الشعب بما يسمى بالارهاب والقضاء عليه في حين تعجز عن حل ازمة الخطوط الجوية العراقية التي تمنعها الكويت من العودة للعمل منذ عام 1990 بل لنقل منذ عام 2003!

وانه في الوقت الذي يطالب به نقيب الصحفيين وحكومة المالكي بعدم المساس بالكويت والسكوت على افعالها المشينة بحق الشعب العراقي يمارس بعض الكتاب الكويتيين الكيل بالسباب والشتائم والالفاض البذيئة للعراقين عموماَ دون ان يمنعهم احد. وللاسف الشديد فان البعض قد توهم فضن بأن كل من يكشف الحقائق يريد عدم الاستقرار بين البلدين ولكن الحقيقة هي عكس ذلك. فاذا ما قامت الكويت بايقاف ايذائها للشعب العراقي ومحاولات اضعافه والابقاء عليه تحت البند السابع وشكاواها الاخرى وبضمنها حجزها على الطيران العراقي من ممارسة عمله كباقي الدول وقيامها بسرقة النفط من حقول النفط العراقية وتمددها في الحدود داخل الاراضي العراقية وتموليها للارهاب في العراق وابقائها على مئات العراقيين في السجون الكويتية وعدم حلها لوضع البدون من مواطنيها من الاصل العراقي وغير ذلك من امور اذا ما حلت الكويت هذه الامور فان ذلك سيكون كافياً للاستقرار في المنطقة. اما اذا ما بقيت الكويت تتسبب بذلك فان حالة من العداء والكراهية المتنامية في قلوب العراقيين سوف لن يستطيع احد ايقافها وسيكون ذلك سببا الى حدوث مشاكل مستقبلية. ففي عام 1990 عندما غزا صدام الكويت لم يكن الشعب ولا حتى الجيش راضياً بذلك بل كانت مفاجئة للجميع اما اليوم فقد اصبح واضحاً لكل فرد بان الكويت تريد الاضرار بالعراق الذي لم يعد فيه نظام صدام متواجداً وعليه فهذه الكراهية لو استمرت سوف ينتج عنها ما لايحمد عقباه لو تكرر نفس السيناريو السابق. ذلك لان العراقي اذا عرف من هو الذي يتسبب بالاضرار به ويريد له السوء سوف يتعامل معه بشكل مشابه فان العين بالعين والسن بالسن والباديء اظلم.

اما ما جاء على لسان وكيل وزارة الخارجية العراقية (محمد الحاج) بتصريحات للصحف الكويتية قال فيها بانهم في وزارته وضعوا النقاط على الحروف بخصوص الامورالعالقة مع الكويت فهذا غير صحيح لانهم لو كانوا قد فعلوا ذلك ما حصلت هذه الازمة. واذا كان كلامه صحيحاً فماذا يقول عن البند السابع وسعي الكويت لابقاء العراق تحت طائلته وماذا عن الطيران العراقي الذي ترتهن الكويت اعادته للعمل وماذا عن حقول النفط العراقية الواقعة على الحدود وسرقة نفطها وماذا عن الاعلام الكويتي الذي يكيل السوء للعراقيين وغير ذلك كثير مما لايمكن للحاج ان يداريه!؟ كما وانه اتهم التصريحات العراقية بانها غير مسؤولة وهذا شيء عجيب فمتى تصبح التصريحات مسؤولة برأيه اذا لم تكن حينما تسعى الكويت بكل جهودها وتطلب من مجلس الامن ان يبقي العراق تحت طائلة البند السابع؟ وماذا تقول وزارة الخارجية بخصوص تصريح المالكي عام 2008 عندما قال بان التوقيع على الاتفاقية يعني خروج العراق من البند السابع بينما وقع العراق ولم يخرج وها هو اليوم تحت هذا البند (البغيض).

ان على الكويت ان تفهم بان العراقيين يعرفون جيداً بان موقف الكويت من الشعب العراقي هو موقف عدائي مبني على الكراهية والبغضاء والسوء رغم محاولة بعضهم اخفاء ذلك. وان هذا الموقف الذي اصبح واضحاً يوما بعد يوم سوف يولد كراهية في داخل النفوس العراقية ومثلما تريد الكويت ان تنظر الى الوراء فمن حق العراقيين ان ينظروا الى التاريخ كذلك. وان القول بان الكويت ساعدت على تحرير العراق فهو خطأ كبير لان العراق قد احتل وهذا ما يقر به المحتل ومجلس الامن والمجتمع الدولي فهو لم يحرر بل سقط نظامه الذي وقفت الكويت معه لسنين عجاف ذاق بها الشعب الويلات والمقابر الجماعية والقتل بالاسلحة الكيمياوية. ان ذلك النظام كان ساقطا بعد عام 1991 ولكن السعودية والكويت هما اللتان اقنعتا المجرم جورج بوش من السماح للنظام آنذاك باستخدام الطائرات السمتية لقمع الانتفاضة العراقية خاصة في الجنوب. ثم شاركت الكويت بكل قوة بقتل ملايين الاطفال العراقيين في الحصار البربري على العراق. ولاتزال الكويت وستبقى تشكل مصدر قلق يهدد رفاهية وتقدم واستقرار الشعب العراقي.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter