بسم الله الرحمن الرحيم

الاستعجال بالتوقيع على اتفاقية بقاء القوات الامريكية المحتلة خطأ كبير


اطلق الامريكان على هذه الاتفاقية بالاتفاقية الامنية وكأنهم يقولون للعراقيين لا أمن لكم أن لم توقعوا وهذه نكته قد فهمها القاصي والداني حيث أن امريكا هي السبب الرئيس في ما حصل ويحصل في العراق.

ولقد صدق المثل العراقي القائل (اللي بحزة طلي يمعمع)!

ثم جائت الحكومة العراقية الحالية واطلقت على الاتفاقية باتفاقية (خروج القوات الامريكية او المحتلة) واصبح المثل العراقي اعلاه ينطبق كذلك. وسواء اطلق عليها هذا او ذاك فالامر واحد وهو ان الاتفاقية سيئة الصيت انما هي في الواقع التوقيع على بقاء القوات الامريكية المحتلة في العراق ولو كان ذلك الى عام 2011. أن من يعرف امريكا جيداً يعلم بأن 2011 سوف لن يمثل لها شيء فهي بامكانها افتعال العديد من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق ما دامت موجودة على ارضه لكي تتنصل من ذلك التاريخ.

ان الاستعجال بالتوقيع على هذه الاتفاقية التي تبقي على المحتل داخل العراق هو خطأ كبير سيتحمل عواقبه كل من يوقع عليه امام الاجيال القادمة وأمام الله والتاريخ.

أن (المغادر للبيت الابيض الامريكي – غير مؤسوفاً عليه – جورج بوش الصغير) وبطانته يريد ان يودع ذلك البيت بالتوقيع على نصر له ولاعوانه لابارك الله بهم ولانصرهم وزادهم ذلاً يوم ترهقهم ذلة ومن الخطأ ان يتم التوقيع له على ذلك. فالعراق قد صبر والله مع الصابرين ويمكن له ان يصبر قليلاً ويطلب على اقل تقدير ضمانات دولية من مجلس الامن والدول الاخرى في الامم المتحدة وذلك لكي يتم اصدار قرار او بند ضمن الاتفاقية يلزم امريكا دولياً بالانسحاب. ومن ناحية اخرى يحبذ الانتظار للتوقيع على الاتفاقية مع الحكومة الجديدة (باراك اوباما) لكي تكون ملزمة هي الاخرى بشكل اكبر ولكي لاينظر الى الاتفاقية على انها تحقيق نصر لجورج بوش وهو يغادر بلارجعة حيث ينتظره حساب عسير لو يعلمه هو وزبانيته لتمنوا ان يكونوا تراباً ولم يخلقهم الله (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً).

هناك امور عديدة تستوجب عدم التوقيع على بقاء القوات الامريكية حتى عام 2011 منها الوضع العراقي المنهار والذي تسببت به امريكا لاغيرها، وعدم رغبة امريكا في اعادة بناء العراق والدليل هو البنى التحتية التي بقيت منهارة والفساد الاداري، علاوة على ان الاتفاقية المذكورة يجب ان يتم التصويت عليها شعبياً والا فأن الذين يوقعون عليها لايمثلون الا انفسهم وسيكونون مسؤوليين عن ذلك.

الامر الخطير هو اذا تم التوقيع على هذه الاتفاقية وبقيت قطاعات واسعة من الشعب غير راضية بها مما يجعل المقاومة المسلحة امر لامفك منه وحق مقدس للشعوب التي تتعرض للاحتلال والانتهاك عند ذاك هل ستدخل حكومة العراق الموقعة في حرب ضد شعبها؟! فاذا فعلت فهل ستكون افضل ام اسوأ من حكومة صدام؟! وليس بعيداً عنا كيف ان القضاء العراقي كان ملكياً اكثر من الملك فحكم على جندي عراقي بالموت بسبب قتله لجندي امريكي محتل دون ان يكتفي مثلا بالسجن المؤبد او ما شابه وهذا قد يتكرر مستقبلاً فيبقى العراقي تحت (بسطال) الجندي الامريكي!

ان الامر اكثر خطورة مما نتوقع وعليه يجب على الحكومة والبرلمان العراقي دراسة ذلك بشكل متأني واعادة اتفاقية جورج بوش الصغير اليه لكي يعيد صياغتها بشكل يحترم سيادة العراق ويمهد لخروج القوات المحتلة بضمانات دولية. حيث ان امريكا بلد محتل للعراق والعراق بلد ضعيف ومنهك وبحاجة الى من يقف الى جنبه فيكون حكماً وشاهداً وخير ما يمكن الاستعانة به بعد الله والشعب العراقي هو مجلس الامن.

واخيراً فأن كل حكومة لاتستمد القوة من شعبها ستكون فاشلة لامحالة وعليه فان الحكومة العراقية والبرلمان يجب ان لايقفا في موقف مغاير للشعب بجميع شرائحه وخاصة في أمر كهذا.

عاش العراق حراً كريماً والموت لاعدائه جميعاً ويسقط الاحتلال الامريكي الى الابد.

ماهي الاسباب التي ستؤدي الى حصول أنقلاب عسكري في العراق؟


لايمكن لأحد ان ينكر المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق والتي لم تؤدي لحد الان الا الى الدمار والوعود الكاذبة والانهيار شبه التام للبنية الاساسية والخسائر المستمرة على كافة الاصعدة. لقد اصبح العراق بعد جملة الحروب المتتالية بما فيها الحرب الاخيرة التي لاتزال مستمرة كالجسد الجريح الذي تكالبت عليه الذئاب من كل حدب وصوب من البعيد والقريب. كما و اصبح واضحاً بأن الحرب الامريكية الاخيرة كانت مدروسة من اجل اهداف بعيدة المدى تم ويتم التخطيط لها بقرارات تم تنفيذها منذ ان اصبح سيء الصيت (بول بريمر) حاكما امريكياً للعراق.

يعاني العراق حالياً من خلل تام وفساد ادراي في كافة القطاعات بما في ذلك الجيش الذي يريد ان يكون كباقي الجيوش في العالم قادراً على بناء نفسه بنفسه لكي يحمي الوطن وحدوده من المعتدين والطامعين والغزاة. ان وضع العراق قبيل ثورة 14 تموز بقيادة بعض الضباط من الجيش العراقي انطلاقاً من معسكر المنصور في ديالى باديء ذي بدأ لم يكن أسوأ من وضع العراق في هذا اليوم. ولم تكن المبررات لذلك الانقلاب العسكري ان صحت التسمية كما هي الان.

هناك العديد من الاسباب التي تنذر بحدوث انقلاب عسكري و سيكون له مؤيدين من كافة القطاعات العراقية وبشكل واسع على المستوى العشائري والعسكري والمثقفين وباقي الشرائح. ومن أهم هذه الاسباب التي ستؤدي الى حدوث انقلاب عسكري ومجيء حكومة انقاذ وطني هو فشل وعمالة بعض الاحزاب العراقية الحالية وتناحرها لتحقيق مصالح ذاتية بل وعملها نيابة عن دول اقليمية مجاورة وبشكل سافر مع وجود نزعات انفصالية عند البعض الاخر. اما السبب الثاني هو استهداف العراق من قبل الدول الاقليمية وانتشار عملاء ومخابرات هذه الدول مما عقد مسألة الاحتلال الامريكي فصار العراق ساحة للصراع ما بين هذه الدول وامريكا.

هناك عوامل اخرى مستجدة بعد حصول تغيير في الحكومة الامريكية القادمة والتي ستدخل البيت (الابيض) بعد اسابيع قليلة حيث ستواجه هذه الحكومة صعوبات وتحديات داخلية وخارجية كبيرة جداً مما يجعلها غير ملزمة بسياسات سابقتها. ومن اولى اولوليات عدم الالتزام واحداث التغيير الجذري هو الحرب المستمرة بدون نتائج في العراق. هذه الحكومة سيكون لديها (سيناريوهات) او خطط معدة مسبقاً اقل ما يقال عنها انها اخطر بل وأسوأ من حكومة الحزب الجمهوري المخلوع (ديمقراطياً).

ان مراجعة بسيطة للانقلابات العسكرية التي حدثت في مناطق عديدة من العالم تؤكد بأن جميع ما يحدث الان في العراق يمهد لذلك. وطبعاً الانقلاب يقوم به الجيش بالتعاون مع البعض الاخر والجيش سوف لن يأتي ويصرح بانه سيقوم غداً بالانقلاب بل أنه يفاجأ به البلاد ككل. واذا كانت امريكا (جورج بوش) لاتقبل بذلك لانها صاحبة مشروع الديمقراطية ولو كانت (معاقة) فأن امريكا (باراك اوباما) قد تسمح بذلك وقد تجد به مخرجاً لها من المأزق الذي سيتركه (بوش). كذلك هو الجيش العراقي الذي يشعر بمرارة متراكمة من جراء ما حدث له وما حدث لبلاده فأن فيه من يتوق لانهاء مسلسل العنف والطائفية ولتحرير العراق من الاحتلال متعدد الاشكال. ومن السذاجة ان تستمر الدول التي دخل العراق معها بحروب بمعاداة العراق وجيشه بواسطة اعلامها وتصريحاتها وما شابه بينما يرفع سياسيو العراق الجدد شعارات وصور رموز تلك الدول بل ويحولون العراق الى تابع الى هذه الدول. انهم انما يهينون بذلك ليس الجيش العراقي فحسب بل والشعب. ان هذه الاسباب ستدعو الى حدوث انقلاب عسكري عاجلا ام اجلا. طبعاً نحن لسنا مع أي انقلاب عسكري يأتي بحكم فردي دكتاتوري متسلط ولكننا نقرأ ان ذلك سيحصل أن لم يتغير الوضع العراقي الحالي. ومن الخطأ التصور بأن الرقابة على الجيش والتجسس على قادته ستكون كافية للحيلولة من ذلك بل على العكس فأن الضغط سيولد الانفجار الاكبر وكما يوجد آليات عند البعض فالذي يريد احداث تغيير عسكري ستكون له آليات سرية مغايرة. ومما يساعد على نجاح الانقلاب هو عدم نضوج ديمقراطية صحيحة ومؤسسات مدنية وقضائية رغم طول الفترة منذ سقوط النظام السابق بعد الغزو الامريكي.

ان خير وسيلة لتفادي حدوث انقلاب عسكري خاصة مع التغيير الامريكي القادم هو قيام ديمقراطية صحيحة ترتكز على اسس نموذجية ومؤسسات مدنية وقضاء مستقل واعادة بناء البلاد على مستوى كبير وبناء قوات عسكرية بكشل جيد ومهني وبمختلف الصنوف وتحرير العراق من كافة اشكال الاحتلالات والتدخلات الخارجية والمخابراتية ومعالجة الاسباب الاخرى التي قد تؤدي الى قيام انقلاب عسكري فالوقاية خير من العلاج والانتصار لابد ان يكون حليف الشعوب مهما حصل.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter