بسم الله الرحمن الرحيم

العراق غارق في وحل من المشاكل: ما هي الاسباب ومن الذي يغيرها؟


منذ الغزو الانلكوسكسوني للعراق الى يومنا هذا ومع دخول عام 2008 تمر (قرابة) 5 سنوات على هذا الغزو البغيض وبدلا ان يتحرر العراق مثل ما تم تصوير الغزو له اصبح يقع فريسة لعدة دول اقليمية ومخابرات دولية ومؤسسات صهيونية اقل ما يقال فيها انها كلها تريد تمزيق العراق وشرذمته واضعافه وسرقة خيراته. ولكي لايكون هناك غموضا في المسميات ولان العملية خطيرة جدا فيجب ان تسمى المسميات باسمائها من ناحية ومن ناحية اخرى يجب ان لاينخدع الجميع بالهدوء النسبي الذي يراد منه ترتيبات سياسية تخص المحتلين على كافة اشكالهم.

لقد اصبح العراق بعد الغزو الانكلوسكسوني عبارة عن ساحة للمواجهات بين امريكا وحلفائها وبين اعداء امريكا على مختلف نحلهم وكان ولايزال الخاسر الاوحد ودافع الثمن الباهض هو الشعب العراقي المظلوم . بل ولقد امتدت ايدي الدول الاقليمية والدولية والمؤسسات الصهيونية والمرتزقة من المنتفعين من سماسرة الحروب والصراعات ومصدري الاسلحة والمؤسسات الامنية الامريكية لقد امتدت ايدي هؤلاء الاوغاد الى اعتماد مبدأ (فرق تسد) ومبدأ الفتنة . ولقد وجدت هذه الايدي المجرمة لها في ضعف وتشرذم وهشاشة الاحزاب العراقية القائمة على الاسس الطائفية والعشائرية والاسرية وما شاكلها مرتعا خصبا لتحقيق اهدافها البغيضة. وللاسف الشديد امتد ذلك على شكل فساد اداري وسياسي واقتصادي واجتماعي رهيب يجعل من الصعب القضاء عليه في حال بقيت الامرو على ما هو عليه لان وجود السبب يؤدي الى تواجد المتسسب.

وتصنف التدخلات التي تحرق واحرقت العراق كالتالي:

اولا: التدخل الامريكي وحلفائه من الصهاينة (الانلكوسكسون) وهذا التدخل هو نفسه الذي ساعد (صدام حسين) لتسلق السلطة على جماجم الابرياء واعطاه الضوء الاخضر باستخدام ابشع الوسائل سواء ضد شعبه خلال (الحرب الصدامية – الخمينية) او بعد حرب (المجرم جورج بوش الاب) لما يسمى بتحرير الكويت. وما تحرير الكويت وغزوها الا مسرحية امريكية انطلت فصولها على (الاعراب كلهم وخاصة اعراب الخليج) وجنت ثمارها امريكا وحلفائها من الكويت اولا ومن منطقة الخليج ثانيا.

ثانيا: الارهاب بكافة اشكاله وعلى رأس ذلك الارهاب طبعا (القاعدة) وهذه صناعة امريكية في منشأها وفي وصولها الى العراق. فامريكا الدولة الرئيسية الغازية للعراق كانت لديها الوسائل لمنع وصول الارهابيين الى العراق ولكنها لم تفعل بل وساعدت على ذلك من اجل غايات حققتها وخططت لها ففشلت ببعض ونجحت ببعض. ومما ساعد على قدوم الارهاب وعشعشته في العراق ومن ثم توريط العراقيين به وزجهم في محاربته بدلا من بناء وطنهم هو القرارات التي اتخذها سيء الصيت (بول بريمير) الحاكم الامريكي للعراق فيما بعد الغزو البغيض وذلك بحل الجيش والاجهزة الامنية بدلا من جعل العراقيين يشتركون باتخاذ امثال هذه القرارات الخطيرة او تاجيلها لحين استتباب الوضع. اضف الى ذلك هو قابلية امريكا على احداث تغيير في العراق والمساعدة على اسقاط الدكتاتورية فيه دون الحاجة الى الغزو بالاساس. وباختصار فان امريكا لم ولن يكون هدفها من غزو العراق الا لمصالحها المعلنة وغير المعلنة ولكنها سوف لن تنجح وقد ساعد غزوها للعراق والبقاء فيه على تسارع انحدار قوتها وسقوطها الذي لاشك فيه. فهي ممزقة من الداخل بشأن الحرب وقد اثبتت حرب العراق بانها غير قادرة على خوض حرب كبيرة اخرى دون ان تسبب لها مشاكل كبيرة جدا في الاقتصاد والتجهيز مما يسرع اكثر في انهيارها المحتمل خلال السنوات الثلاثين القادمة.

ثالثا: التدخل الايراني البغيض والذي جاء للعراق بعدة وجوه واشكال منها من خلال مساعدة هذه الدولة للارهابيين وارسال الاسلحة وتوفير العوامل اللوجستية لهم رغم اختلافهم العقائدي معهم ولكن الهدف الذي يجمعهم هو تدمير العراق. ولايخفى على احد دور ايران في قتل مئات الطيارين والعلماء والعسكريين العراقيين من الذين اشتركوا في الحرب العراقية الايرانية وهذا هدف مشترك مع الصهيوينة كما ولايخفى تدخلها في جميع المشاكل التي تحصل في البصرة والكوت ومدن كربلاء والنجف وبغداد وبالخصوص في ديالى. وللاسف فلقد وجدت ايران لها من يعمل من اجل تحقيق مصالحها مستغلة عامل الدين والمذهب علما بانها تعمل على عكس ذلك. فهي لاتريد للمدن الشيعية العراقية ان تنهض لتنافس المدن الدينية الايرانية كقم وغيرها. ولم يتوقف التدخل الايراني في العراق وشؤونه على حد محاربتها لامريكا بل تعداه الى محاربة العراقيين واعتبروهم كعدو دائم وغازي لاراضيهم وتدلل على ذلك بثهم وانتاجهم المستمر للافلام الايرانية حول الحرب وكيفية وصفهم للعراقيين كغزاة وكاعداء وماشابه ذلك.

رابعا: الاعراب من كافة الدول وخاصة السعودية وسوريا والاردن وغيرهم. فهؤلاء كانوا ومايزالون لايفرقون بين الاحتلال الذي يرفضه الشعب العراقي كشعب وبين المواطن العراقي الرافض للاحتلال بل ولقد وجد العديد من اصحاب الفكر التكفيري منهم فرصتهم المنتضرة لقتل ابناء الطائفة الشيعية. كما واصبح العراق بسبب عدم اهتمام المحتل بامن البلد مشرعا لدخول العديد من الاجانب من المجرمين والقتلة والذين لايجدون فرص عمل لهم في بلدانهم فوجدوا في العراق ساحة مفتوحة للحصول على مكاسب مادية بحجة القتال والجهاد فاسسوا لهم معسكرات واصبحوا يتقاضون الاموال من مؤسسات سعودية وخليجية ومن رجال اعمال في هذه البلدان ثم عاد القسم الكبير منه بهذه الاموال التي كان من المفترض دفعها من اجل ما يسمونه الجهاد.

خامسا: الوضع العراقي الممزق بالحروب التي انهكته وجعلت من ابنائه يعانون المر والبطالة وانعدام فرص العمل وانعدام الخدمات وتفشي الرشوة والفساد بكافة انواعه. وللاسف فقد ساعد على استمرار هذا الوضع الصراع المذهبي والطائفي بين الكتل السياسية مما انعكس في الحكومة والبرلمان. وبينما وجد البرلمان نفسه ساحة لهذه الصراعات ناسيا التفكير بالوطن والشعب وجدت الحكومة نفسها بعد ان بنيت على اسس محاصصة طائفية وجدت نفسها ضعيفة وممزقة وغير قادرة على امتلاك زمام امرها دون نهي وامر المحتل البغيض.

كان يمكن للعراق ان يزدهر خلال هذه السنوات الخمس بعد السقوط. وكان يمكن للمحتل ان يكون قد خرج او على الاقل جدول توقيت خروجه لو لم يتكالب عليه المجرمون.

فمن يتحمل مسؤولية التشرذم والتمزق الذي حصل للعراق فيما بعد السقوط؟ ومن الذي سيتحمل هذا التشرذم والتمزق في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور؟ هل سيبقى البعض يلقي باللوم على النظام السابق الذي قد ولى وسقط ام انهم سيفهمون اذا ما بقوا يفعلون ذلك فان ذلك لا يعني الا شيء واحد هو انهم يلقون باخطائهم على غيرهم ويتهربون من الفشل ولايزالون دون مستوى النضوج؟

ان وضع العراق وحسب ما وصفته مؤسسات دولية هو وضع دولة فاشلة او على الاقل على اعتاب ان تكون كذلك. وهذا الوضع لايمكن ان تحله مؤتمرات مصالحة تعقد هنا وهناك بين كتل سياسية لايهمها الا مصالحها الحزبية والفئوية الضيقة. وقد اثبتت ذلك المؤتمرات السابقة. نحن امام مخاطر عديدة القليل منها ذكر اعلاه والحل لاجتثاث هذه المخاطر يعتمد على الشعب العراقي نفسه وليس على الكتل السياسية ومن يمثلها لانها كلها قد فشلت والى يومنا هذا من انتشال العراق الى بر الامان واصبحت تطبل باجهزة اعلامها الى شخصيات بعينها واحزاب بذاتها بل ولاسر وقبائل وماشابه ذلك. اذا بقي الشعب العراقي في غفلة عما يراد له فانه سيواجه الصعوبات بعد الصعوبات حتى وان مر بفترات تعتبر هادئة لانها ستجلب له العواصف فيما بعد. ان على الشعب العراقي ان يضع النقاط على الحروف وان يقف بوجه كل من يريد له ان يتشرذم او يستغل فيه الولاء العقائدي والديني من اجل تجهيله او ابقائه فقيرا ومعوزا فالدين وحب الانبياء او الائمة لايعني ان يبقى الانسان بدون وضيفة او عيش كريم. انما جاء الانبياء وخرج الحسين (عليه السلام) من اجل العيش الكريم الذي يتساوى به الجميع من الحاكم والمحكوم. وعلى الشعب العراقي ان لايمنح ثقته ولايعترف بمسؤول او عضو برلمان او غير ذلك اذا كان هؤلاء لايعملون من اجل الشعب او عضو البرلمان من اجل دائرته او منطقته التي انتخبته لا لشيء بل ليمثلها ويحسن ما فيها ومن شؤون اهلها وينقل مشاكلهم الى الجهات الرسمية. فالعراق غارق اليوم بوحل من الخراب البيئي والصحي ويفتقد الى ابسط الخدمات في كافة انحائه بينما يغرق مسؤوليه بالنعيم وتقاسم السلطة وتوفر العلاج والخدمات وسرقة الاقوات.

اين اعادة البناء واين النفط واين اصلاح النظام الصحي والبيئي والزراعي والتعليمي واين الدولة من استقطاب الكفاءات العراقية العالمية التي تخدم الاخرين واين بناء المستشفيات والناس تزخر تحت واقع صحي مرير و مؤلم واين الطرق واين المشاريع واين الحلول الاخرى للمشاكل المعقدة والكثيرة العالقة كلها؟؟؟

ان مقولة العراقي (احنا كلشي ما نريد بس الماء والكهرباء والامن!) لاتزال تتردد الى يومنا هذا ويجب ان تنتهي اي يجب ان يقف العراقي ليطالب بكل شيء ولايكتفي بالقول (احنا كل شيء ما نريد) بل يجب ان يبدل ذلك الى (احنا العراقيون نطالب بتوفير كل شيء يضاهي ويتماشى مع ما موجود في الدول الاخرى التي لها امكانيات تشبه امكانيات العراق). ومن يعرف معنى هذا القول يعلم بان ذلك يعني ان العراق يجب ان يكون وبامكانياته الحالية دخل المواطن فيه اعلى دخول دول المنطقة كافة بما في ذلك دول الخليج والخدمات فيه افضل منها. هذا ليس من باب التضخيم او المبالغة بل هو اقل من الحقيقة الاقتصادية المحسوبة للعراق. ان مقولة (احنة كلشي ما نريد غير كذا وكذا ....) تولد مدخلا للفساد الادراي. وهنا فان الحل للقضاء على الفساد الادراي هو بيد الشعب اذا ما تم رفضه والحل بيد الشعب لكل شيء اذا ما رفضه الشعب. وهناك وسائل عديدة للرفض اقلها التظاهر ضد ما لايريده الشعب حتى يتغير.

اذان فالحل بيد العراقيين انفسهم.

ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter