بسم الله الرحمن الرحيم

سرادقات عزاء مدينة الصدر تتعرض للقصف الارهابي


لم نكتب هذه المقالة عن المجزرة التي حصلت في (مدينة الصدر) في حينها وألا لكانت مليئة بالشتائم البذيئة التي تستحقها (صراصير القاذورات) التي ارتكبت هذه الجريمة البشعة بل وان تلك الصراصير تتشرف من ان ينسب اليها حثالات الشر من الارهابيين السفلة ومن يساندهم او يسكت على افعالهم من الشياطين.

ولم تنتهي جريمة هؤلاء الاوغاد بل وانهم استمروا هذا اليوم باستهداف السرادقات التي نصبها اهالي الضحايا للعزاء وذلك بضرب بعض هذه السرادقات بواسطة الصواريخ الموجهة تماماً الى مواقع العزاء! فهل يوجد اكثر نذالة وخسة وشر وهمجية ودونية تحت مستوى الحيوانات والشياطين من هؤلاء الاوغاد؟

وبعد كل هذا وذاك واستهداف شيعة آل بيت رسول الله (ص) في كل مكان في العراق وبمساعدة بعض دول الجوار مثل النظام السوري والوهابية السعودية ومن التف حولها من دول الاعراب الاخرى التي تصدر (جرابيع الارهاب) والاموال الى العراق بعد كل هذا وذاك هل يوجد من يقول بأن العراق لايوجد فيه حرب اهلية؟

ان الحرب الاهلية في العراق لايريدها أي عراقي شريف سواء كان شيعي او سني او غيرهم ولكن واقع الحال يقول غير ذلك وهناك من يساعد على هذا الواقع ويؤجج الوضع الطائفي من العراقيين انفسهم وخاصة من امثال (المدعو حارث ضاري) الذي يرتدي لباس (الوهابية) والتكفير ظاهراً وباطناً. وعلاوة على ذلك فان تكوين الحكومة والبرلمان العراقيين على اساس المحاصصة الطائفية ارضاءاً لبعض الاحزاب التي هي بالاساس تعمل ضد الامن والاستقرار وتدعو الى اسقاط هذه الحكومة هي في الحقيقة مشكلة خطيرة تضاف الى تأجيج الحرب الطائفية.

ان الاسابيع القادمة ستشهد تطورات خطيرة في الوضع ولقد بدت ملامح هذه التطورات تظهر على السطح على شكل دعوات جماهيرية في مقدمتها (الثلاثة ملايين) في مدينة الصدر بأخذ زمام الامر بأيدي ابنائها ليس لاخذ الثأر فحسب بل أن الثأر سيكون على مايبدو من بعض الرؤوس التي تأوي وتساعد الارهاب.

انه من الطبيعي جداً اذا عجزت الحكومة من توفير الامن للمواطنين فانهم سوف يشكلون جماعات سواء سرية او علنية لحماية انفسهم بل للاقتصاص العادل من الارهابيين الذين يقتلونهم. ان ابناء مدينة الصدر يجب ان لايتركوا الارهابيين لحكومة لايهمها دمائهم بل وتخاف من منظري الارهاب وفي نفس الوقت ان يثأروا من الارهابيين القتلة انفسهم وليس من الابرياء من غير الارهابيين بل وتجنيب كل بريء من الاذى. ان الارهابيين ورؤوسهم موجودون في اماكن يعرفها اهل مدينة الصدر وهم بعد تحديد والتأكد من هذه الاماكن العفنة سوف يعرفون كيف يجتثونها لكي لاتكون مصادر قتل مستمر لهم.

ومن المهم الاشارة الى ان البكاء واللطم لاينفع بل يجب ان توضف الطاقات للقضاء على المجرمين القتلة ومن يساندهم. وهناك أمر مهم هو ان الدماء اذا سالت بهذا الشكل الذي تم في مدينة الصدر فان (المرجعية الدينية) سوف لن تمنع بل وستشجع على الدفاع عن النفس علاوة على ان الناس سوف لن تحتاج الى الرجوع اليها للدفاع عن النفس. ومن الدفاع عن النفس هو القصاص من القتلة وهؤلاء القتلة لايزالون يقصفون مجالس العزاء في مدينة الصدر بالصواريخ بعد جريمتهم النكراء. وعلى هذا الاساس فأن الاسابيع القادمة ستشهد ان يقتص ابناء مدينة الصدر من القتلة ولقد ظهر ذلك واضحاً من خلال تصريحاتهم ما بعد المجزرة.

{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (33) سورة الإسراء

{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء


ديمقراطية رئيس الوزراء العراقي مع المجرمين


أن حادث رهائن وزارة التعليم العالي الذي حصل في وضح النهار وفي وزارة فيها مئات الموظفين والمراجعين ان دل على شيء فأنما يدل على الضعف المخزي الذي تتصف به حكومة (اللاوحدة اللاوطنية).

ولقد اظهرت تصريحات مسؤولي (المنطقة الخضراء وورثة القصور الصدامية) مدى التناقض المخزي والمضحك الذي يستهين بالارواح والدماء العراقية بشكل كبير ومخجل. كما وحذت هذا الحذو وسائل الاعلام المرئية خاصة والمرتبطة باحزاب المنطقة الخضراء. فلقد تجاهلت هذه الوسائل ركاكة الوضع الامني المستعر وحادثة الرهائن وركزت على قادة الترهل والعمائم والسدارات المتوافقة منها واللامتوافقة.

لقد اصبح العراق اضحوكة وسخرية بسبب قادته الجدد الذين لايهتمون الا بمصالحهم ومصالح طوائفهم واحزابهم سواء كانت سنية او شيعية او كردية او غيرها من الاطياف (الماشاء الله)!

يبدو ان ديمقراطية العراق لم تأتي الا لصدام وجماعته وحقوق الانسان لم تسجل او يعترض عليها الا اذا كان الامر يمس هؤلاء. وحتى (رئيس وزراء حكومة المنطقة الخضراء) وهو في تعليقه على حادث وزارة التعليم قال بانه تم اطلاق صراح اغلب الرهائن ولكن مع ذلك سوف يقوم (مشكوراً!) على ملاحقة الفاعلين والقاء القبض عليهم!! ونركز هنا على كلامه (ولكن مع ذلك) ...... ياسلام على رئيس وزراء ديمقراطي ولين العريكة جداً جداً مع المجرمين. (فلو هيجي لو ماتنراد الديمقراطية). مبروك للعراقيين ديمقراطيتهم ورئيس وزرائهم الفذ.

العراق بحاجة الى تطبيق قانون طواريء شديد ومحاكمات عسكرية فورية للمجرمين وليس الى تصريحات مائعة واهمال متعمد سيقود البلد الى حرب أهلية طاحنة اصبحت ملامحها تلوح مابين (الديوانية) و (المحمودية) بعدها سوف تسري سريان النار في الهشيم نحو كل فج وصوب عميق. ولعل القسم الكثير يعتقد بأن العراق بحاجة الى حرب كهذه تكون بمثابتة الصدمة والعاصفة التي لابد منها لكي يأتي الصمت والسكون بدلاً من كونها تحترق تحت نار هادئة تحرق كل شيء دون انقطاع.

ونقول للسيد نوري المالكي اذا كنت لاتقدر على حل مشاكل الامن المتدهورة فخيراً لك ان تستقيل وتترك الامر لغيرك او على الاقل فانك يجب ان تقيل وزير داخليتك ووزير دفاعك وتحملهم المسؤولية. ثم ما هذه التصريحات الغريبة من كل حدب وصوب فهذا يهدد بالانسحاب وذلك بالانقطاع وغيرهم بترك العملية السياسية. فلينسحب من ينسحب وليترك من يترك الى (القير والقيراط) فهل يمن هؤلاء على الشعب بانهم يتربعون على رأسه رغم عدم كفائتهم ونفاقهم.

الخزي والعار للمجرمين من القتلة والارهابيين والمتواطئين معهم ممن يسمونهم بالمقاومة وهم يقتلون ابناء الشعب العراقي ويهاجمون مرتكزاته العلمية. والعار والذل للذين يسمون ارهابي (القاعدة) بانها جزء من المقاومة وهم يقتلون العلم والعلماء والابرياء.

علامة السماء حول صدور الحكم على صدام


لاشك بان العراق من اغنى بلدان المنطقة العربية لامتلاكه طاقات بشرية تضاف الى مجموعة الخيرات الهائلة المتمثلة بالنفط والزراعة والمياه والمصادر المعدنية المكتشفة والغير مكتشفة. اضافة الى ذلك فان العراق يمتلك مصادر سياحية دينية وغير دينية فيما لو استغلت بشكل صحيح. ان الطاقات البشرية العراقية هي من افضل ان لم تكن الافضل مهنيةً وابداعاً من غيرها في منطقة الشرق الاوسط. ولقد ظل العراقي يبدع حتى وهو تحت ضروف الظلم والجور والحصار او في ضروف قد تكون غاية في القسوة في بلاد الاغتراب التي اجبر عليها الكثير ممن لم يكن يرغب فيها. وتشهد بلدان الغرب وغيره على طبيعة الابداع العراقي في مختلف الاختصاصات وكيف لايكون ذلك وهذا الانسان الممتدة جذوره في اعماق التاريخ السومري والاشوري الذي اسس اول الحضارات البشرية والذي وضع اسس القانون وكون اول شريعة مدونة ومتكاملة للقضاء والشؤون المدنية التي تنظم حياة الفرد والمجتمع.

ولايختلف اثنان على ان القدرات العراقية في العصر الحديث وخاصة خلال الثلاثين سنة الماضية فيما لو كانت بايدي حكيمة ونزيهة ووطنية مخلصة تحترم شعبها وتقدره وتحث فيه روح الاخلاص والعمل والعلم والتقدم فلا يختلف اثنان بان العراق لو كان كذلك لاصبح من احسن بلدان العالم رخاءاً ولصار شعبه من افضل شعوب المنطقة تقدماً. ولابد في حالة هذه ان يكون الدخل السنوي للفرد العراقي وبلا شك افضل من كافة دول المنطقة العربية والشرق اوسطية.

ولكن و للاسف الشديد فان بلد كالعراق يتسلط عليه اسوأ دكتاتور في المنطقة العربية في التاريخ الحديث ليدمر اقتصاده ويجعله نهباً لكل من هب ودب بينما يرزخ شعبه تحت وطأة الفقر والحصار الخارجي والداخلي والتجهيل المتعمد والاجبار على عبادة الصنم البشري للقائد الاوحد. لم يكن (صدام) دكتاتوراً ومجرم حرب ومتسلطاً فحسب بل كان وجوده في العراق (نحس) جلب للعراق الدمار والخراب والحروب والاعدامات والطائفية والتشرد في اصقاع الدنيا. لقد كانت صور صدام (نحساً) لادخال الرعب في نفوس العراقيين وهم يصبحون ويمسون عليها وعلى اصنامه التي انتشرت في كل مكان. لقد كان النحس الصدامي يلاحق المواطن العراقي في يقضته ونومه وهو يراه في التلفزيون على مدار الساعة مصحوباً برؤيا الاشلاء المقطعة من جراء الحروب المستمرة. كان صدام في كل شيء وفي كل زمان يلاحق المواطن العراقي ويحس به اكثر من احساسه بانفاسه لان الاحساس بصدام هو احساس بالالم والظلم والجور والحزن والذل والابعاد والرعب والخوف.

عندما يسأل المواطن العراقي عن شعوره الحقيقي لو ذكر (بضم الذاء وكسر الكاف) صدام امامه قبل سقوطه فان الجواب سيكون بان صدام عندما يذكر سيتبادر الى العقل الباطن وبقوة الخوف من اجهزة الامن والمخابرات والاجهزة الخاصة والشرطة السرية والاستخبارات العسكرية والسجون والتعذيب والاعتقال وما شابه. لم يقتصر هذا الشعور على المواطن العادي بل يتعداه الى اجهزة الحزب نفسها من اعلى المستويات الى ادناها فقد حول صدام حزب البعث الى بوق ينعق باسم القائد الاوحد. و لقد جعل صدام من الحزب اداة تمجده ولاتملك لنفسها ولا لكوادرها ادنى درجات التقدير الا اذا كان الامر يتعلق (بصدام وتمجيده). لقد صار (صدام) نحس اينما حل ورحل حتى على كوادر حزبه من القيادات العليا. وهناك امثلة كثيرة على النحس الصدامي الحقيقي فهو عندما وضع صورته على العملة العراقية تدهورت قيمتها بشكل مضطرد وكبير.

ان العراق سوف لن يستعيد نشاطه وعافيته واستقراره وذهاب الخوف من نفوس اهله بشكل كامل الا اذا تخلص من النحس الصدامي ولقد بعثت السماء اولى البشائر بقدوم الخير بعد اعلان الحكم الذي تأخر كثيراً على صدام وبعض من الذين اعانوه بشكل مباشر. فبعد ساعات قليلة من صدور الحكم على صدام هطلت امطار غزيرة على انحاء العراق وخاصة العاصمة بغداد مبشرةً بزوال نحسٍ مقيت وبزوغِ فجرٍ جديد. وحتى بالنسبة لحزب البعث الذي اختطفه صدام سيتحرر من تلك العبودية التي فرضها عليه الدكتاتور وسيكون فيه من الشرفاء ممن عارضوا صدام وافعاله حتى وهم في صفوف الحزب وممن لم تتلطخ ايديهم بدماء الابرياء سيكونون اكثر سعادة وحرية كما هو حال غيرهم.

لم تكن بوادر الامل والانفراج في العراق تستشعر الا بعد صدور الحكم على الطاغية الذي اغرق العراق بما فيه الان من دمار فلولا صدام وحروبه وتعسفه واستهتاره ونفسيته السايكوباثية لما وصل العراق لما هو عليه الان على الاطلاق. وعليه فيجب التعجيل بفتح صفحة جديدة في تاريخ العراق وهذه الصفحة لاتفتح الا بالتعجيل بالخلاص من النحس. ولكن هل سينتهي كل شيء بانزال القصاص بصدام ام ستكون هناك محكمة اخرى؟ ودون ادنى شك فلابد من ان تكون هناك محكمة الهية لاينفع بها نعيمي ولاقطري ولا رمزي كلاركي ولاغيرهم. هناك سينكشف على الملأ كل مكشوف وهناك سيكون المترافعين هم الضحايا من معذبيهم وقاتليهم والشهود هو ايدي وارجل وجلود وعيون المجرمين انفسهم. هناك سوف تنطق الحواس وتتكلم لتشهد باذن الله. فالمقتول سيقول هذا فلان الذي قتلني والقاتل سوف يسمع ويرى باذنه وام عينه يديه تنطق وتقول نعم لقد قتلت او عذبت فلان وبالتفصيل. وهل تتوقعون هذا اليوم بعيد؟ كلا فانه بين احدكم وبين يومه هذا مقدار مايعيش فقط وبعد ذلك سينام ثم يبعث وهو يظن انه نام يوم او بضع يوم. فليتعض المتعضون وليعمل كل بما يستطيع لملاقات يومه هذا وما اصعبه على الظالمين.

{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (24) سورة النــور

{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (65) سورة يــس


{وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} (19) سورة الكهف

{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (56) سورة الروم

{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} (104) سورة طـه

ان المحكمة الالهية سوف لن تقتصر على زمن وقوع الجريمة بل ستأخذ المضاعفات التي افرزتها الجريمة او الظلم حتى بعد انتهاء الجرم. ولو ادخلت الجريمة ذرة من خردل من رعب او خوف او شر او ظلم في نفس بشرية واحدة فسيأتي بها الله والويل لمن لم يتعض.

{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } (47) سورة الأنبياء

{يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (16) سورة لقمان

{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (49) سورة الكهف

هناك ستعلن الاسرار بل ستكون على الملأ بالصوت والصورة والرائحة وكافة التفاصيل.

{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (9) سورة التغابن

{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} (111) سورة طـه

الحكم على صدام درس واتعاض لكل فرد


ان حكم الاعدام على صدام وتوقع تنفيذه بعد الاسابيع السته القادمة هو نتيجة حتمية تقل بكثير عما فعله هذا الدكتاتور الطاغية من ظلم بحق الشعب العراقي وبعض شعوب المنطقة الاخرى. ولم يسلم من ظلم وطغيان صدام حتى حزب البعث نفسه. فقد صدر الحكم بخصوص قضية واحدة فقط لاتمثل الا نقطة في بحر من جرائم هذا الطاغية. وان هذا البحر من الجرائم ما هو الا الجزء الظاهر فوق سطح الماء للعيان وما خفي تحت السطح اكثر. فلم يسلم من اجرام صدام حتى بناته اللواتي يدافعن عنه ولا اقرب المقربين له.

لقد امتلك صدام (شخصية سايكوباثية) معقدة قل مثيلها. لم يكن صدام مصاباً بداء العظمة وعقدة الحقارة والنزعة السادية فحسب بل كانت تجتمع لديه صفات غاية في التعقيد يمكن ان نطلق عليها تسمية جديدة في علم النفس هي (الشخصية الصدامية) بفتح الصاد مرة وكسرها مرة اخرى وفي كلا الحالين يكون المعنى واحداً اي التصادم او الذي يصدم الاخرين بمصيبة او شر او سوء.

ومن الجدير بالشعب العراقي ان يتوقف لحظة ليحاكم نفسه قبل ان يحاكم فمحكمة صدام وحكم الاعدام عليه لايمكن ان ينهي زمن التسلط والدكتاتورية والظلم الا اذا حاكم العراقييون انفسهم عن الاخطاء التي ارتكبوها ايام صدام.

{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (11) سورة الرعد

لقد كان العراقييون (ليس كلهم ولكن غالبية الشعب) لقد كانوا يكرهون صدام سراً ويصفقون له علناً بل وهم الذين خلقوا منه دكتاتوراً متسلطاً. نعم انه حكم بالنار والحديد ولكن الشعب رضخ عندما زج في حرب مع ايران ومن ثم مع الكويت وبعد ذلك تحت اذلال الحصار ومطرقة صدام. ومن اهم الاسباب التي ادت الى ذلك هو عدم توحد كلمة العراقيين وكثرة النفاق على بعضهم البعض حتى ان الجار كان ينافق على جاره لكي يزجه في (الجيش الشعبي) ليخلص هو منه او يحسد وينافق على الذي لم يتم ارساله الى جبهات القتال ويفتعل له المشاكل. ولم يسلم الجهاز الحزبي من نفس الاساليب النفاقية بل ولقد تم اعدام العديد من كوادر حزب البعث بناءاً على تقارير كيدية فقط رفعت من رفاق لهم. لقد قيل للحسين بن علي (ع) وهو في طريقه الى العراق قيل له عن اهل العراق: ان قلوبهم مع الحسين وسيوفهم مع بن زياد. ثم جائت ثورة (المختار) وسميت بثورة التوابيين وصاروا معه. ولولا تدخل امريكا ودخولها في العراق بارادة الهية (يجهلها الكثيرون) لبقي صدام وجاء بعده ابنائه ولبقي العراقيون يصفقون لهم ويعينونهم على التسلط ولكن شائت ارادة الله غير ما يشاء الانسان. ان مابعد الحكم على صدام هو محاسبة العراقيين لانفسهم لكي لايخلقوا دكتاتوراً اخر فالدكتاتور تخلقه الشعوب ليمارس هو فيها مايشاء.

فان نهاية صدام بالنسبة للعراق يجب ان تكون بداية حقيقية للتحرر من الظلم والعبودية ومحاسبة النفس وتقبل النقد البناء واحترام الراي الاخر والوقوف مع بعظهم البعض ضد القهر والاستبداد. اما بالنسبة للحكام فهي عبرة في غاية الاهمية ودرس يجب ان يعتبر به ومنه كل حاكم لايحترم شعبه او يتسلط عليهم او على جزء منهم. وهو درس لكل فرد لأن الذي يقوم بجريمة مهما كانت صغيرة او كبيرة لايمكن ان تمر دون عقاب مهما كانت قوة وامكانات هذا الفرد فسيسلط الله عليه من يقهره ولعل هذا القهر يكون بقوة هائلة مثل امريكا او فيروس صغير يدخل الى جسمه من حيث يشاء ودون ان يستطيع رده او علاجه. ولحساب الاخرة اشد وطأة واعظم عقابا.

{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (61) سورة يونس

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (3) سورة سبأ

{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (8-7) سورة الزلزلة }

ان الله يمهل ولايهمل فاتعضوا ياألو الالباب من مصير صدام رغم ما كان يمتلك من قوة اجهزة امنية وحزبية وعسكرية ومالية واسناد كبير جداً من قبل جماعات منتفعة في الخارج فان ذلك لم ينفعه في الدنيا عندما شاء الله وسوف يكون حساب الاخرة اشد
.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?Site Meter